عندما نتأمل سير الأنبياء والمرسلين والمصلحين نجد البعد الاجتماعي والتعامل مع الآخرين بعد وحدانية الله عز وجل هو محور معركتهم الإصلاحية ومنهجهم التغييري للمجتمعات.
وتدبرما ورد في أبرز صفات الحبيب وسيدنا يوسف
وكل الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام؛ والتي جعلت كل منهم محوراً يتأثر به كل من عامله؛ بعد أن رأوه مقداماً في حب
الخير، ومبادراً في الأعمال الخيرية، والجوانب الاجتماعية.
ونتأمل شهادة السجينين وإخوته: "إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ". [يوسف 36 و78]
لقد أعلنوا جميعاً واتفقوا أن شهادتهم له بالإحسان؛ لم تك مجرد سماع بل
كانت عن رؤية عين، وتعامل اجتماعي واحتكاك يومي ومعايشة حياتية!!!.
فلماذا شهد السجينان؟!.
لأنهما رأياه من المحسنين؛ (فإحسانه، أنه كان يعود المرضى ويداويهم، ويعزي الحزانى، قال الضحاك : كان إذا
مرض الرجل من أهل السجن قام به، وإذا ضاف وسع له، وإذا احتاج جمع له، وسأل له. وقيل:
"من المحسنين"؛ أي العالمين الذين أحسنوا العلم، قاله الفراء. وقال ابن إسحق:
"من المحسنين"؛ لنا إن فسرته، كما يقول: افعل كذا وأنت محسن). [تفسير
القرطبي]
ولماذا نطق إخوته بهذه الشهادة أيضاً؟.
لأنهم رأوه من المحسنين؛ (أي العادلين المنصفين القابلين للخير). [تفسير القرآن العظيم: ابن كثير]
و(يحتمل أن يريدوا وصفه بما رأوا من إحسانه في جميع أفعاله معهم، ويحتمل أن
يريدوا: إنا نرى لك إحساناً علينا في هذه اليد إن أسديتها إلينا، وهذا تأويل ابن إسحق).
[تفسير القرطبي]
وفي هذا الحديث الرائع عدة رسالة تربوية رائعة؛ وهي أن العقوبات المعجلة تأتي لكل فرط في البعد الاجتماعي في التعامل مع الآخرين.
أي من ظلم وبغي وتجبر واستطال على الآخرين في دوائر ثلاثة؛ وهي دائرة المجتمع والناس ثم دائرة الأسرة والوالدين ثم دائرة الأقارب وذوي الرحم.
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ". (حديث مرفوع)
ثم ...
ثم ...
مع تحيات محبكم:
د. حمدي شعيب
(12 ربيع آخر 1435هـ =12 فبراير 2014م)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق