الثلاثاء، 30 مارس 2021

(3) شعبان يفضفض لي

مراجعات نفسية راقية … ولمسات شعبانية رائعة
في سياق حواره معي فضفض إلي شعبان حول كيفية تهيئة النفس المؤمنة لرمضان القادم الكريم.
فما هي هذه التهيئة النفسية لاستقبال شهر رمضان الحبيب؟.
وكيف نجيد مهارات استقبال ومعايشة رمضان الكريم؟.
من فضلك افتح موقع (إسلاميات).
(3) شعبان يفضفض لي
قال شعبان: قبل أن يأتيكم أخي الحبيب رمضان؛ عليكم أن تقوموا بعملية تنقية نفسية، ومراجعة ذاتية؛ وكأنها عملية تزيين لداخلكم، وتصفية لقلوبكم من كل شائبة تحول دون حسن استمتاعكم بخيراته، والتنعم بفيوضاتهه، والفوز ببركاته، واقتطاف أعظم ثمراته؛ ألا وهي التقوى كما قال ربكم: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ". [البقرة183]
كيف نجيد مهارات استقبال ومعايشة رمضان!؟:
قلت له ولهفتي تسبق كلماتي: وكيف تتم هذه العملية النفسية والقلبية؟!.
قال ضيفي: أخي الحبيب سأخبركم بالمهارات اللازمة لاستقبال أخي الحبيب رمضان؛ وهي تقوم على محورين أساسيين:
المحور الأول: كيف نتهيأ نفسياً لرمضان؟!. أو ماهي المهارات الشعبانية للتهيئة النفسية الرمضانية؟.
المحور الثاني: كيف نعايش معاني الصوم ذهنياً؟. أو ما هي المهارات العملية لمعايشة رمضان؟.
وكيف تطبقها أسرنا عملياً؟.
وكيف يجتهد كل فرد في الأسرة في فتح أبواباً للخير، وبالتالي غلق أبواباً للشر؟.
وكيف نرقى بأنفسنا وأولادنا وأزواجنا روحياً؟.
ويرى الله عز وجل منا قوة، واجتهاد، وحسن أخذ بالأسباب المستطاعة؛ فنرجوه أن نكون من الفائزين ليس في رمضان فقط؛ بل ومن الرابحين في الدنيا والآخرة؛ بعونه تعالى.
المحور الأول: ما هي المهارات الشعبانية للتهيئة النفسية الرمضانية؟:
قلت بلهفة: أرجوكم أنا في شوق لمعرفة هذه المهارات الشعبانية للتهيئة النفسية لحسن استضافة حبيبنا الغالي رمضان.
قال وعيناه تغرورقان بالدموع: لقد تأثرت كثيراً بتلك الكلمات الصادقة؛ والتي وصلتك من صديق  مبدع؛ فتأثرت بها أنت أيضاً وأبكتك ذات يوم كما أبكتني؛ فقمت أنت بترتيبها وتهذيبها ونشرها، فكسبت معه  ثوابها؛ لذا فإني أدعو له كما تدعو أنت له أيضاً ولو قابلته لقبلت رأسه لصدقه وأحسبه كذلك!.
فأسمح لي أن تكون موضوع حديثي معك الآن؛ وهي:
مراجعات نفسية راقية ... ولمسات شعبانية رائعة:
1-قرب رمضـــان ... صالح نفسك:
صافح قلبك، ابتسم لذاتك، وصالح نفسك، وحاور نفسك طويلاً، وسافر في أعماقك، ابحث عن ذاتك، اعتذر لها، وأطلق أسر أحزانك، وعلّم همومك الطيران بعيداً، وردد: "أعوذ بك من الهم والحزن".
2-قرب رمضــــان ... رتب داخلك:
أعد ترتيب نفسك، لملم بقاياك المبعثرة، اقترب من أحلامك البعيدة، اكتشف مواطن الخير في داخلك، واهزم نفسك الأمَّارة بالسوء، وتمتم في سجدات السحر: "اللهم قني شر نفسي واعزم لي على أرشد أمري".
3-قرب رمضـــان ... أغلق مدن أحقادك!؟:
واطرق أبواب الرحمة والمودة؛ فارحم القريب وود البعيد، وساعد نفسك على الاعتذار لهم، وازرع المساحات البيضاء في حناياك، وتخلص من المساحات السوداء في داخلك، وأحرق ملفات الحقد في أعماقك، ولا تمل رسائلك عند السحر: "اللهم بَلِّغنا رمضان، وارزقنا صيامه وقيامه إيماناً واحتساباً".
4-قرب رمضــــان ... أحمي صيامك:
جاهد نفسك قدر استطاعتك، واغسل قلبك قبل جسدك، ولسانك قبل يديك، وأفسد كل محاولاتهم لإفساد صيامك، واحذر أن تكون من أولئك الذين لا ينالهم من صيامهم سوى العطش والجوع، وتسلح بسلاح: "يا مالك يوم الدين إياك نعبد، وإياك نستعين".
5-قرب رمضــــان ... احذر ألغام صيامك:
سارع للخيرات، وتجنب الحرام، واخف أمر خبيئات يمينك عن يسارك، ولا تغتاب كي لا تفطر على لحم أخيك ميتاً، واحرس أعمالك من آفة الرياء بدعاء: "اللهم إني أعوذ بك من أشرك بك شيئاً أعلمه، واستغفرك لما لا أعلمه".
6-قرب رمضــــان ... أشفق على ظالميك:
احذر الظن السيئ، أو الإساءة لأولئك الذين دمّروا شيئا جميلاً فيك، واسمو فوقهم، وأشفق على ظالميك؛ فلا تظلم فالظلم ظلمات يوم القيامة، وانظر إلى هذا الكون العظيم وقدرة ربك وحلمه على ظالميك، ثم احتقر ما يعادونك بسببه، وتذكر أنه سينصرك؛ ولو بعد حين؛ كما يرى، وكما يقدر؛ فلا تستعجل، وثق أن: "دعوة المظلوم تحمل على الغمام وتفتح لها أبواب السماء ويقول الرب عز وجل: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين". [مسند الإمام أحمد]
7-قرب رمضــــان ... صالح ضحاياك:
اكتب رسالة اعتذار مختصرة لأولئك الذين ينامون في ضميرك، ويقلقون نومك، ويغرسون خناجرهم في أحشاء ذاكرتك، لإحساسك بأنك ذات يوم سببت لهم بعض الألم؛ فانهض الآن واستسمحهم ورد المظالم؛ ولو كانت لفظة جارحة، أو حركة مؤلمة، أو نظرة نازفة، وأعن نفسك اللوامة بمناجاته: "رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ". [الأعراف23]
7-قرب رمضــــان ... سامح قاطعيك:
افتح قلبك المغلق بمفاتيح التسامح، واطرق الأبواب المغلقة بينك وبينهم، وضع باقات زهورك على عتباتهم، واحرص على أن تبقى المساحات بينك وبينهم بلون الثلج النقي، وتذكر أن من يسير في المقدمة؛ ينبغي أن يترفع عن هفوات الصغار، ولا يستسلم لمن يحاول إعاقته، ولا يقلقنَّك مشاغبات من هم أضعف منك، وتذكر كيف استمع سليمان عليه السلام لأحاديث النمل؛ فتواضع شاكراًً: "فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ". [النمل19]
8-قرب رمضــــان ... صل محبيك:
افتح أجندة ذاكرتك، تصفح كتاب أيامك، تذكر وجوهاً تحبها وأصواتاً تفتقدها، وأحبة مازالوا أحبة برغم أمواج البعد؛ خاصة ذوي رحمك، هاتفهم بحب، اذهب إليهم، ولا تنتظر أن تأتي بهم الصدفة إليك، أو تلقي بهم أمواج الحنين فوق شاطئك!؟.
وإذا آلموك وقاطعوك، ومزقوا حبال الود معهم، وأغلقوا أبواب الصلة في وجهك؛ فتذكر عن أبي هريرة: أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلُم عنهم ويجهلون علي!؟. فقال: لئن كنت كما قلت؛ فكأنما تُسِفّهم المَل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. [صحيح مسلم]
أي (كأنما تطعمهم الرماد الحار وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم ولا شئ على هذا المحسن. وقيل معناه أنك بالإحسان إليهم تخزيهم وتحقرهم في أنفسهم لكثرة إحسانك وقبيح فعلهم من الخزي والحقارة عند أنفسهم). [شرح النووي على مسلم]
9-قرب رمضــــان ... اغفر لطاعنيك:
افقد ذاكرتك الحزينة قدر استطاعتك، فلا تتحسس طعنات الغدر في ظهرك، ولا تحص عدد هزائمك معهم، ولا تسجن نفسك في زنزانة الألم، ولا تجلد نفسك بسياط الندم، واغفر للذين خذلوك، والذين ضيعوك، والذين شوهوك، والذين قتلوك، والذين اغتابوك، وأكلوا لحمك ميتاً على غفلة منك، ولم يشفع لك لديهم سنوات الحب الجميل، وتذكر الحكمة: (كلما كبرت السنبلة انحنت وكلما تعمق العالم تواضع).
10-قرب رمضــــان ... تذكر راحليك:
تذكر أولئك الذين كانوا ذات رمضان يملأون عالمك، ثم غيبتهم الأيام عنك ورحلوا كالأحلام، تاركين خلفهم البقايا الحزينة، تملأك بالحزن كلما مررت بها، أو مرت ذات ذكرى بك، ولا تنس هداياك لكل حبيب منهم: "اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه".
12-قرب رمضــــان ... لا تنس خاتمتك:
أغمض عينيك بعمق، لتدرك حجم نعمة البصر، ولتتذكر القبر، وظلمة القبر، ووحشة القبر، وعذاب القبر، وأحبة رحلوا تاركين خلفهم حزناً بامتداد الأرض، وجرحاً باتساع السماء، وبقايا مؤلمة تقتلك كلما لمحتها، وذكريات جميلة أكل الحزن أحشاءها، وتباكى إن عجزت عن البكاء، لعل الله يغفر لك ولهم، ولا تمل مناجاته: "اللهم ارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه".
هدية شعبانية تامة:
أغرورقت عيناي وأنا استمع لهذه المراجعات النفسية الرائعة والمؤثرة؛ وكأنني أنا المقصود الوحيد بها؛ والتي هزتني من الأعماق؛ وتمتمت بالدعاء لضيفي الحبيب ولهذا الصديق الذي أهداني تلك الكلمات ذات يوم.
ثم قلت لحبيبي شعبان: أنا الآن في كامل التهيئة النفسية لأعرف المحور الثاني من مهارات استقبالنا لرمضان؛ وهو كيف نعايش معاني الصوم ذهنياً؟. وكيف تطبقها أسرنا عملياً؟.
فقال: ما رأيكم لو أجلنا هذا الحديث حتى نصلي ركعتين بعد هذه الجلسة النورانية الروحية؛ فنقتنص أجر الحجة والعمرة؛ كما وعدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْس،ُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ؛ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ، وَعُمْرَةٍ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ". [سنن الترمذي ـ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ]

فهتفت مشجعاً: نعم الرأي ما قلت يا صاحب الخيرات.
ثم ... 
د. حمدي شعيب

الثلاثاء، 23 مارس 2021

(2) شعبان يفضفض لي

ضيفي الحبيب شعبان يواصل بث همومه!؟.
فماذا عن المتمردين؟.
ما هي صفات الذين أهانوا أنفسهم مع شعبان؟.
أو ما هي علاماتهم؟.
أو ما هي أصنافهم؟
!.
من فضلك افتح موقع (إسلاميات).

(2) شعبان يفضفض لي
عدت إلى ضيفي الحبيب شعبان ووجدته مطرقاً، وهو يتمتم بأسى: تلك هي بعض أوجه الخير السابغ؛ والتي حدثتك عنها؛ والتي تحملها زيارتي إليكم كل عام، ولكنني أراني هنت عليكم!؟.
المتمردون!؟:
هتفت بمحدثي: أيها الحبيب؛ لا تبتئس؛ نعم لقد جهلنا جميعاً فضلك، وغفلنا عن دورك في حياتنا، وبخسنا حقكم؛ فاعذرنا على جهلنا، ونعدك أن نجتهد فيما بقي من أيام زيارتك القصيرة والمباركة لنا، ونعدك ألا نغفلها كل عام أن شاء الله؛ إن بقينا أحياء وزرتنا!.
ثم ماذا عن السبب الآخر لحزنك مننا وعلينا، وعلى غفلتنا؟!.
نظر إلى ضيفي الكريم؛ وكأنه سُرَّ لشغفي لحديثه؛ وقال: السبب الآخر كما أخبرتكم؛ هو هوان أنفسكم عليكم وتهاونكم فيما يفيدكم، وجهلكم أو تجاهلكم لطرق فوزكم بجنة ربكم!.
إنها طبيعة البشر المتمردة؛ فتكرهون أي أمر، وتعارضون أي نهي، ولا تحبون أفعل ولا تفعل!؟.
كما قال أحد السلف الصالح رضي الله عنهم: أُمرنا بالصبر فجزعنا؛ ولو أُمرنا بالجزع لصبرنا!؟.
السر الدفين للهوان!:
سألت ضيفي الفاضل: ما هو سبب هواننا على أنفسنا؛ والذي أدى إلى هوانكم علينا؟!.
قال شعبان: لقد أخبرتكم أن الحبيب صلى الله عليه وسلم؛ قد جاء بمنهج لصلاحكم وصلاح هذا الكون والوجود كله؛ كما ذكرت لكم حديث هذا التعديل الرباني لشهور السنة!؟.
فهو رحمة عامة وشاملة: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ". [الأنبياء107]
وسأثبت لكم أن السر الدفين لهوان أنفسكم عليكم؛ هو تهاونكم في اتباع وصايا الحبيب صلى الله عليه وسلم، وانشغالكم بما لم يوص به!؟.
حقاً إنها طبيعة البشر المتمردة، وإنها السبل التي تفرقت فيها، فتاهت أقدامكم، وحادت بكم عن الطريق الوحيد الواضح السليم؛ ونسيتم قوله سبحانه: "وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ". [الأنعام153]
آية المحنة ... اختبار عملي!:
للأسف لقد أوقعتم أنفسكم في المحنة ولم ينجح فيها إلا من رحم ربك!؟.
وتذكر ما قاله الحسن رحمه الله للخروج من هذه المحنة: زعم قومٌ أنهم يحبون الله حباً شديداً؛ فأراد الله عز وجل أن يجعل لمحبته علماً؛ فأنزل آية المحنة: "قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ". [آل عمران31]
فهي العلامة التي بها تقيس حبك للحق سبحانه عملياً وببساطة!؟.
إذن أبدأ الآن في عملية التغيير؛ فقس نفسك، وقيِّم علاقتك بربك على أساس هذا المعيار؛ فأساس محبتك لله عز وجل هو اتباعك للحبيب صلى الله عليه وسلم، ومستوى المحبة؛ هو مستواك في الطاعة.
وستعرف قدرك عند ربك؛ على أساس قدره سبحانه عندك!؟.
هل تهين نفسك!؟:
أسعدني حديث ضيفي؛ فاستزدته قائلاً: كيف إذن نكتشف مظاهر هذا الهوان النفسي؟!.
قال شعبان: ألا تذكر التعريف البسيط للتقوى؛ وهو أن يراك الله حيث أمرك، ويفتقدك حيث نهاك؟!.
بالضبط قيِّم نفسك الآن، واكتشف مدى هوان نفسك عليك، وقيِّم حالتك الآن؛ وفي هذه اللحظة؛ فقس مدى التزامك ـ قدر استطاعتك ـ مع وصايا الحبيب صلى الله عليه وسلم، لتعرف مقدار اتباعك له؛ وبالتالي مدى قدر حبك للحق سبحانه!؟.
قلت له: كلامك رائع، ولكن أرجو أن تجعل هذا المقياس عملياً!.
ابتسم الحبيب شعبان؛ وكأنه وصل لمقصده، وربت على كتفي بود؛ وكأنني تلميذ بين يدي أستاذه، أو ابن يحنو عليه والده، ثم قال: هناك مقاييس بسيطة وعملية لتجيب عن هذا السؤال: هل أنا أهين نفسي؟!.
اجلس الآن مع نفسك؛ وحيثما كنت زماناً ومكاناً؛ اسأل نفسك هذه الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات صريحة وغير خادعة؛ لأنك لن تخدع إلا نفسك، ولن تزيدها إلا هواناً فوق الهوان؛ فبيدك وحدك عزها وبيدك وحدك هوانها:
1-هل أنا في المكان والوضع الذي يريده مني الحق سبحانه؟!.
2-هل أعرف جيداً هذه الخيرات التي يحملها شعبان؟.
3-هل أعرف الدور التربوي لشعبان؟.
4-هل أدري الحكمة التي من أجلها جاء شعبان ليفصل بين رجب ورمضان؟.
5-هل سرت على الطريق القويم؛ أم تفرقت بي السبل؟.
ثم اجمع إجاباتك؛ فإذا كان في أغلبها؛ قد أجبت (نعم)؛ فأبشر فلقد أعززت نفسك، وأحسنت ضيافتي، وأبشرك باستعدادك الجدي لأخي رمضان الكريم، وأنك تحب الحق سبحانه.
وإذا غلب على إجاباتك (لا)؛ فلا تحزن، ولا تتقاعد؛ فلم تزل أمامك الفرصة، وباب الاستدراك مفتوح؛ لأن باب رحمة ربك لم يزل مفتوحاً!؟.
ما هي أصناف الذين أهانوا أنفسهم؟!:
هتفت به: أيها الحبيب كم أنت كريم ورحيم وودود، لأن الذي أرسلك لنا كريم ورحيم وودود!؟.
ولكن قل لي بعض الأخطاء التي نقع فيها، أو ما هي السبل التي تَفَرَّق بنا عن سبيل الحق أثناء زيارتكم السنوية لنا؟!.
قال لي ووجهه يلمع بالسرور والبشر؛ وكأنه رأي جديتي في الاستماع لكلماته الذهبية والرائعة: الأمر بسيط وتستطيع أن تكتشفه من خلال مراجعة إجاباتك على أسئلة التقويم النفسي التي حدثتك عنها!.
ولكنني سأبسط لكم بعض أخطاءكم التي تحزن ضيفكم؛ ولنقل هي إجابات لهذا السؤال:
ما هي صفات الذين أهانوا أنفسهم مع شعبان؟. أو ما هي علاماتهم؟. أو ما هي أصنافهم؟!:
الصنف الأول: الغافلون:
وهي العلامة الأولى؛ لأنهم يفوتون فرص زيارتي السنوية عاماً بعد عام دون معرفة الحكمة من وجودي بينكم، ودون اقتطاف ثمار خيراتي التي أحملها إليكم كل عام.
وتأمل قول الحبيب: "ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاس عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَان". [حسنه الألباني صحيح النسائي]
الصنف الثاني: التائهون المبتدعون:
وهم الذين يتركون ما ورد من وصايا الحبيب صلى الله عليه وسلم في حسن استضافتي، والبحث عن طرق أخرى لم ترد عنه، حتى وإن كانت نيتهم سليمة، وغايتهم سليمة، ولكن الوسيلة التي تصل هذه النية السليمة إلى غايتهم المرجوة، غير شرعية، ولا تشفع لهم!؟.
ولعل أقرب مثال على ذلك اهتمامهم بليلة النصف، والتي لم يرد في فضلها أي رواية صحيحة، واستمع إلى فتوى الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في هذا الموضوع: (الصحيح أن جميع ما ورد فضل ليلة النصف من شعبان ضعيف لا تقوم به حجة, ومنها أشياء موضوعة مما ورد, ولم يعرف عن الصحابة أنهم كانوا يعظمونها, ولا أنهم كانوا يخصونها بعمل, ولا يخصون يوم النصف بصيام, وأكثر من كانوا يعظمونها أهل الشام  ـ التابعون ليس الصحابة ـ والتابعون في الحجاز أنكروا عليهم أيضاً, قالوا: لا يمكن أن نعظم شيئاً بدون دليل صحيح. فالصواب: أن ليلة النصف من شعبان كغيرها من الليالي، لا تخص بقيام, ولا يوم النصف بصيام, لكن من كان يقوم كل ليلة, فلا نقول: لا تقم ليلة النصف, ومن كان يصوم أيام البيض لا نقول: لا تصم أيام النصف, إنما نقول: لا تخصها بقيام ولا نهارها بصيام).
الصنف الثالث: المفرطون:
فهم يفرطون في أيامي وساعاتي؛ فلا يستغلونها في الاستعداد الروحي لرمضان بخطة محكمة تجتمع الأسرة فيها لتقرر ما هي غايتهم من رمضان، وكيف سيستغلون زيارته بعدي.
الصنف الرابع: المنشغلون:
بالانشغال بالأمور المادية استعداداً لرمضان من مأكولات ومواد غذائية فقط وكأنه الغاية المقصودة.
ونحن لا ننكر هذه المباحات طالما لم تتعدى على الطاعات المرجوة.
قمت وقبَّلْتُ جبين ضيفي؛ شكراً وامتناناً على حديثه التربوي الرائع، ثم قلت له: ألا تزيد مضيفك السعيد بزيارتك علماً وفقهاً وتربية؛ فتجيبني على هذا السؤال المهم: كيف نستقبل حبيبك وأخاك رمضان؟!.
ضحك شعبان الحبيب، وقال: هذه قضية تحتاج إلى جلسة تربوية أخرى!؟.
قلت: وأنا كلي آذان صاغية.
ثم ...
د. حمدي شعيب

الأحد، 21 مارس 2021

وطني الآمن!


أروع وأبلغ ما قيل في حنان الأم
كما يرويها (أ.د. مبروك علي زيد الخير ) أستاذ البلاغة القرآنية وعلوم اللغة ورئيس مركز البحث في العلوم الإسلامية والحضارة بالأغواط الجزائر.
اللهم اغفر لوالدينا وموتى المسلمين واجعل قبورهم روضة من 
رياض الجنة


السبت، 20 مارس 2021

عندما ماتت شجرتنا!


الرائع حمزة نمرة 
ورائعته (تسمحي)
دفء حضنها ولو بعد موتها!
في كينيا ماتت الفيلة الأم!.
فوقف صغيرها المسكين بجوارها وحيداً؛ يعاني ألم صدمة الفقد!.
وكأنه لا يصدق أن موطنه الآمن قد ضاع!.
ثم أخذ يتمسح بها لعلها تعود!.
ثم أخذ في احتضانها؛ فدفء قربها لا يذهب ولو بموتها!؟.
وحلاوة حضنها نستشعره بمجرد ذكرها حتى بعد فقدها!.
إنها الشجرة التي تقينا لسعة شمس هجير حياتنا!.
فإذا ماتت؛ آلمتنا لسعات شمس همومنا!.
واعتصرتنا آلام اليتم!.
رحم الله والدينا وموتى المسلمين وجعل قبورهم روضة من رياض الجنة!.