الأحد، 4 مايو 2025

اطمئن ... فكما أرسلها ولم تراها فسيرسلها!


(رصيدٌ نسيته ... والكرام لم ينسوه!!!)
قصة مؤلمة حدثت معي وقد أذهلتني أحداثها واشخاصها لحظتها!.
ولم أنساها!.
ولم أنس صاحبها!.
من باب ما علمناه كعب بن مالك عن  الموقف المؤثر من طلحة بن عبيد الله عندما أبدع في التعبير عن فرحته بتوبته رضي الله عنهما:
"ولَا أنْسَاهَا لِطَلْحَةَ". (البخاري)
وتذكرت لحظتها كلامًا رائعا للإمام ابن القيم رحمه الله:
"ربما تنام وعشرات الدعوات تُرفعُ لك!.
من فقيرٍ أعنتَهُ!.
أو جائعٍ أطعمتَهُ!.
أو حزينٍ أسعدته!.
أو مكروبٍ نَفّستَ عنه!.
فلا تستهن بفعل الخير!".
وتذكرت كذلك أروع ما قاله رحمه الله أيضًا:
"«ارخْ يدكَ بالصدقة تُرخى حبال المصائب من على عنقك!.
واعلم أنّ حاجتك إلى أجر الصدقة أشدّ من حاجة من تتصدّق عليه!".
وكذلك تذكرت أجمل مقولاته أيضًا رحمه الله:
"ولابد لكلِّ مَنْ عَمِلَ صالحاً؛ أن يُحْيِيِهُ اللهُ حياةً طيبةً؛ بحَسَبِ إيمانِهِ وعملِهِ"
وتذكرت المعنى الجميل للآية الكريمة:
"وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ". (محمد35)
كما قال قتادة رضي الله عنه: أي لن يظلمكم أعمالكم.
وكما قال عنها الطبري رحمه الله: ولن يظلمكم أجور أعمالكم فينقصكم ثوابها.
وكما بشرنا الحبيب صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 
"مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا:
اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا!.
وَيَقُولُ الآخَرُ:
اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تلفاً". (متفق عليه)
        (سيعوضك أضعافها)
والعبد الواثق من أن رزقه من الله عز وجل لا يفكر مجرد تفكير بما ينفق أو بما سينفقه!.
لأنه يعلم أن مولاه سيعوضه أضعافاً مضاعفة!.
"مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون". (البقرة245)
    (ويوما ما ستعود إليك ببركتها)
إن الصدقة عائدة إليك طال الزمان أم قصر أضعافاً مضاعفة!. 
وفي الدنيا قبل الآخرة!.
فاطمئن وثق في وعد مولاك:
"وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا". (المزمل20)
            (ألا تذكرني؟!)
ونعود لقصتنا التي لم أنساها ولا أنسى صاحبها النبيل!.
فمنذ سنوات قليلة تعرضت لمحنة كئيبة والعياذ بالله.
ذات ليلة كئيبة!.
من مخلوقات كئيبة لا تعرف معنى الشهامة والشرف والنبل!.
ولا يضيرها حتى موازين السماء ولا تضع في حساباتها الحساب الختامي في اليوم الآخر!.
فبينما كنت وحيدًا!.
أحاول تجميع شتاتي حتى أن أعرف ما هي جريمتي؟!.
ولماذا اتهموني ظلمًا؟!.
وكيف يفتري العبد على إنسان يعرف أنه فوق هذه الشبهات وأسمى من هذه الاتهامات!.
كيف يكذب وهو يعرف أنه كذاب ومن حوله يعرفون أنه كذاب؟؟؟!.
وكان من فضل الله خلال ساعات  أن انقلب السحر على الساحر ووجدتهم مرعوبين يرجونني أن أتنازل عن اتهامي لهم بالافتراء والبلطجة!.
وكانت ليلة استشعرت فيها لطيفة ربانية تأتيني كالعادة دومًا في اللحظات الحرجة!.
فتستشعر أن الله معك وينصرك!.
وأنه سيخرجك شامخًا مبرءً من محنتك بفضل منه وحده.
ثم بأسباب يسوقها في وقتها ليشعرك أنه ما قلاك وما ودعك!.
ومن هذه الأسباب أن تجد من يظهرون لك ودًّا واحتراما وتقديرا في مواطن أراد خصومك أن يقللوا من قدرك!. 
وان تجد من ينصرك في مواقف أراد ظالميك أن ينتقص منك فيها!.
أما أجمل هذه الأسباب وأعجبها أن يأتي إليك رجل وكأنه جندي من جنود الله ليثبتك ويقف معك ويطمئنك أنك على الحق!.
وأن ربك لم ولن يضيعك!.
وأنه كما عودك فلم ولن يخذلك!.
وأنه جزاء طيب لما صنعته يومًا ونسيته وربك لم ينساه!.
بل ادخره لك في بنك الخير!.
تمامًا كما كان في قمة هذه المحنة النازفة أن يأتى إليّ هذا الإنسان الجميل النبيل ويقف بجواري!.
ثم  يبتسم ويقول هامسًا:
(ألا تذكرني يا دكتور؟!.
لعلك نسيت ولكنني لم أنساك!.
لقد جئت إليك في المركز ذات ليلة باردة في صقيع الشتاء منذ عشر سنوات!.
قبل انتقالي لبلدة أخرى لظروف العمل!.
وكان معي ولداي وكانا في حالة حرجة!.
وكنت مذعورًا فطمأنتني!.
وتم شفاءهما بكرم ربنا ثم على يديك!.
ثم أشفقت عليّ ورددت لي أحد الكشفين 
وأضحكتني بقولك:
يا حاج عليك واحد وعليّ أنا واحد!.
وقد جاء دوري الآن لأرد لك هذا الجميل!).
(د. حمدي شعيب - الخميس 2 يونيو 2022م) 


ثم ... 
د. حمدي شعيب 
(4 مايو 2025م)

ليست هناك تعليقات: