الخميس، 28 فبراير 2008

أهلوهم قبل أن توظفوهم!؟

(لما تقاربت سنه صلى الله عليه وسلم الأربعين، وكانت تأملاته الماضية قد وسعت الشقة العقلية بينه وبين قومه، حبب إليه الخلاء، فكان يأخذ السَّوِيق والماء، ويذهب إلى غار حراء في جبل النور على مبعدة نحو ميلين من مكة؛ فيقيم فيه شهر رمضان، ويقضي وقته في العبادة والتفكير فيما حوله من مشاهد الكون وفيما وراءها من قدرة مبدعة، وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقائد الشرك المهلهلة وتصوراتها الواهية، ولكن ليس بين يديه طريق واضح، ولا منهج محدد، ولا طريق قاصد يطمئن إليه ويرضاه‏.‏
وكان اختياره صلى الله عليه وسلم لهذه العزلة طرفاً من تدبير الله له، وليكون انقطاعه عن شواغل الأرض وضَجَّة الحياة وهموم الناس الصغيرة التي تشغل الحياة نقطة تحول لاستعداده لما ينتظره من الأمر العظيم، فيستعد لحمل الأمانة الكبرى وتغيير وجه الأرض، وتعديل خط التاريخ‏‏‏.‏ دبر الله له هذه العزلة قبل تكليفه بالرسالة بثلاث سنوات، ينطلق في هذه العزلة شهرًا من الزمان، مع روح الوجود الطليقة، ويتدبر ما وراء الوجود من غيب مكنون، حتى يحين موعد التعامل مع هذا الغيب عندما يأذن الله ‏.‏
ولما تكامل له أربعون سنة ـ وهي رأس الكمال، وقيل‏:‏ ولها تبعث الرسل ـ بدأت طلائع النبوة تلوح وتلمع، فمن ذلك أن حجرًا بمكة كان يسلم عليه، ومنها أنه كان يرى الرؤيا الصادقة؛ فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، حتى مضت على ذلك ستة أشهر ـ ومدة النبوة ثلاث وعشرون سنة؛ فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة ـ فلما كان رمضان من السنة الثالثة من عزلته صلى الله عليه وسلم بحراء شاء الله أن يفيض من رحمته على أهل الأرض، فأكرمه بالنبوة، وأنزل إليه جبريل بآيات من القرآن)‏.‏ [1]
هكذا كانت التهيئة؛ في مراحلها الأولى لتلقي الرسالة!؟.

السبت، 23 فبراير 2008

1- ولدي ... طفلاً!؟

"روى ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، قَالَ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ، فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْتُ، قَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟!. قُلْتُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَةٍ. قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟. قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ. قَالَتْ: لَا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا. قَالَ أَنَسٌ: وَاللَّهِ لَوْ حَدَّثْتُ بِهِ أَحَدًا لَحَدَّثْتُكَ يَا ثَابِتُ". [1]
حادثة فريدة، رواها أنس لثابت البناني رضي الله عنهما، يعلمنا صلى الله عليه وسلم من خلالها، الكثير من الدروس التربوية الطيبة؛ والتي منها:
1-أهمية الترفيه واللهو للأطفال.
2-يجب تقدير الناس ولو كانوا غلماناً، بالذهاب إليهم والسلام عليهم.
3-كيف التقط أنس من بينهم لعلمه بقدراته والتي من أهمها حفظ السر.
وهو من باب اكتشاف وتنمية ورعاية المواهب.
4-كيف انتدبه لمهمة سرية لا أحد يعلم بها إلى الآن؟
ونتسائل لماذا لم يرشح لها أحداً من كبار الصحابة رضوان الله عليهم؟
ونتسائل أيضاً، ما الذي ميز أنساً رضي الله عنه ليرشح لهذه المهمة السرية؟
وهو ملمح تربوي وإداري يركز على ضرورة التوظيف الجيد لكل الطاقات، في سبيل تحقيق الأهداف.
5-أهمية دور الأطفال في المهام الكبار، والتغيير الحضاري.
6-دور الأم في التربية، وتعاونها الراشد في الإعداد والتهيئة.
7-أهمية دور المرأة في التغيير الحضاري.
8-أهمية تعاون كل المؤسسات والأفراد التي تتعامل مع الطفل في الإعداد وبث الروح الإيجابية وتنمية القدرات.
9-إقرار مبدأ: أو منهجية الاستثمار في الأبناء.