أكثر خمسة أشياء ندم عليها الراحلون!
بروني وير (Bronnie Ware) ممرضةٌ استرالية عملتْ في قسم رعاية المرضى الذين أوشكوا على الانتقال من الدنيا الفانية إلى الآخرة الباقية.
خاصةً المرضى الذين تبقى على وفاتهم أقل من 3-4 أسابيع، لفشل الطب في تأخير الأجل المحتوم.
حين يأتي على كل انسان هذا الوقت، تكون رؤيته واضحة لحياته الماضية، ويكون لسانه منطلقا بالصدق، وبالحكمة العميقة.
ولأن (بروني) ممرضة فقد كانت تقف بجانب هؤلاء الراحلين، تشجعهم وتؤازرهم وتخفف عنهم. وكانت أيضًا تسألهم:
(ما أكثر الأشياء التي ندمتم عليها في حياتكم وتمنيتم أن تفعلوها أو ألا تفعلوها لو عدتم إلى سن الشباب؟!).
ثم جمعتْ مئات الإجابات من مئات المرضى الذين شهدتْ لحظاتهم الأخيرة.
وكتبت كتاب عمل ضجة في استراليا وفي اوروبا والولايات المتحدة الامريكية.
وترجم إلى حوالي (27) لغة حتى الآن!.
وقد سمته (الندم)
The Top Five Regrets of the Dying
A Life Transformed by the Dearly Departing
ومحور الكتاب يدور حول أكثر خمسة أشياء نندم عليها عندما نكبر!.
الملاحظ وجود خمس رغبات اشترك في ذكرها معظم كبار السن وهي:
(1) تمنيت لو كانت لديّ الشجاعة لأعيش لنفسي ولا أعيش الحياة التي يتوقعها أو يريدوها مني الآخرون.
فقد عبّر معظمهم عن ندمه على إرضاء الغير كرؤسائهم في العمل أو إرضاء عائلاتهم علي حساب نفسه وإسرته الخاصة.
أوالظهور بمظهر يُرضي المجتمع ومن يعيشون حولهم!.
(2) تمنيت لو أنني خصصت وقتاً أطول لما أُحب خاصة لعائلتي وأصدقائي بدلا من إضاعة العمر كله في روتين مُمِل.
وكم قتلتنا اللهفة لتوفير لقمة العيش والإغراق في العمل واللهث وراء الرزق!.
(3) تمنيت لو كانت لديّ الشجاعة لأعبّر عن مشاعري بصراحة ووضوح.
فالكثيرون كتموا مشاعرهم لأسباب مثل تجنّب مصادمة الآخرين أو التضحية لأجل أناس لايستحقون أو مخافة فقدان من نحب!.
(4) تمنيت لو بقيت على اتصال مع أصدقائي القدامى أو تجديد صداقتي معهم.
فالأصدقاء القدامى يختلفون عن بقية الأصدقاء كوننا نشعر معهم بالسعادة ونسترجع معهم ذكريات الطفولة الجميلة.
ولكننا للأسف نبتعد عنهم في مرحلة العمل وبناء العائلة وقد تكون لخلافات تافهة حتى نفقدهم نهائياً أونسمع بوفاتهم فجأة.
(5) تمنيت لو أنني أدركت مبكراً المعنى الحقيقي للسعادة.
فمعظمنا لا يدرك إلا متأخراً أن السعادة كانت حالة ذهنية لا ترتبط بالمال أو المنصب أو الشهرة.
إن السعادة كانت اختياراً يمكن نيله بجهد أقل وتكلفة أبسط ولكننا نبقى متمسكين بالأفكار التقليدية حول تحقيقها.
يكمن جمال هذا الكتاب في لفت الأنظار إلى ضرورة تعلم دروس الشيخوخة في سن النضوج وقبل وصولك لمرحلة تعجز فيها عن تعويض ما فات من حياتك.
وبعد ...
هذا تلخيص لأبرز ما ورد في كتاب هذه الممرضة.
يجدر التنبيه أن هذا في باب الأمنيات والنجاح والسعادة الدنيوية.
وهناك أمنياتٌ أهم من هذا كله لا نحتاج فيها إلى كتابٍ من ممرضة، أو دراسةٍ من باحث.
فقد بينها ربنا بجلاءٍ في كتابه العزيز:
"حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ. لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ". [المؤمنون99-100]
فلنبدأ الآن ...
حتى لا تفوتنا الفرصة.
فالباب لم يزل مفتوحًا.
ورحمته لم تزل تعمنا.
وباب التوبة ينادي الأوابين.
حتى لا يقتلنا الندم يومًا ما.
ونسأل الله العافية.
ونسأل الله حسن الخاتمة.
(د. حمدي شعيب - الخميس 29 أكتوبر 2020)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق