( دَعُوُني ... أُصلٌي!!!)
"إذا دخلَ الميِّتُ القبرَ، ...
مُثِّلَتِ الشَّمسُ عندَ غُروبِها، ...
فيجلسُ يمسحُ عَينَيهِ، ...
ويقولُ:
دَعوني أصلّي!". (صحيح ابن ماجه)
حديث طيب ...
ورسالة إيجابية تفاؤلية رائعة ...
من الحبيب صلى الله عليه وسلم ...
نقلها لنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
تطمئن كل مؤمن ...
وتصف حاله ...
وهو في وحدته ...
وفي ظلمة القبر ...
ولكنه كالعهد به ...
وكما تعود ...
وكما زرع!.
"مُثِّلَتْ له الشمسُ عند غروبِها":
أي صُوِّرَت وخُيِّلَت له.
وهذا لا يكونُ إلَّا في حَقِّ المُؤمنِ.
ولعلَّ ذلك عند نُزولِ الملكَينِ إليه.
أو بعد السُّؤالِ والجوابِ.
"فيجلِسُ يمسَحُ عينَيْه":
أي كأنَّه مُستيقِظٌ من النَّومِ.
"ويقولُ: دَعُوني أُصَلِّي":
أي يريدُ أنْ يُصَلِّيَ قَبلَ فواتِ وقتِ الصَّلاةِ.
ويُؤدِّيَ ما عليه من الفرضِ.
ظانًّا أنَّه يَشْغَلُه عن قِيامِه بعضُ الأصحابِ.
وهذا إيماءٌ إلى الشَّمسِ.
كأنَّه يظُنُّ أنَّه في الدُّنيا!.
وأمَّا تَخصيصُ ذِكْرِ الغُروبِ فإنَّه مُناسِبٌ للغَريبِ؛ ...
فإنَّ أوَّلَ مَنزلٍ ينزِلُه عند الغُروبِ.
والغُروبُ إشارةٌ إلى ارتحالِه من الدُّنيا ...
وزَوالِه وغُروبِه عنها؛ ...
فإنَّ القبرَ آخرُ منزِلٍ من منازِلِ الدُّنيا.
والبرزخُ مُشبَّهٌ باللَّيلِ ...
الفاصلِ بين اليومِ السَّابقِ واليومِ الآخرِ اللَّاحِقِ.
والتَّمثيلَ يُناسِبُ ظُلمةَ القبرِ ...
وظُهورَ نُورِ المُؤمنِ الكاملِ المُؤدِّي للصَّلاةِ في أوقاتِها.
وهذا بيانُ حُسْنِ عاقبةِ العملِ الصَّالحِ.
(المفاجأة السعيدة!!!!)
وهي البشرى الطيبة ...
التي ستذهل المؤمن.
"إذا رأى المؤمنُ ...
ما فُسِحَ له في قبرِه ...
فيقولُ:
دعوني أُبَشِّرُ أهلي ...
فيُقالُ له:
اسكنْ". (أحمد)
هكذا من فرحته ...
يقول: اتْرُكوني ...
أرجِعُ إلى الدُّنيا؛ ...
لأُبشِّرَ أهلي بهذا النَّعيمِ؛ ...
حتى لا يَحزَنوا على مَوْتي؛ ...
وحتى يَجتَهِدوا في الطاعَة!.
فتقولُ الملائكَةُ له:
اجْلِسْ مَكانَك؛ ...
فإنَّ هذا مَقامَكَ ...
إلى يَومِ القِيامَةِ!.
( رفيق ... لن يخذلنا!)
وهو الرصيد الطيب ...
الذي حفظه لنا ربنا في كتابنا ...
وسيحسن به خاتمتنا ...
ويهون به سكرات الموت ...
وسينير به قبورنا ...
ويؤنس به وحشتنا ...
وسيهدينا على الصراط ...
والذي سينفعنا يوم لقائه ...
ولن يخذلنا ...
وسيشفع لنا:
"وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ...
وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا". (الكهف٤٩)
اللهم ...
اغفر لنا كل ذنب ...
يخذلنا في ظلمة القبر.
ثم ...
د. حمدي شعيب
(٤ يونيو ٢٠٢٣م)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق