الأحد، 27 أكتوبر 2019

ماذا عن ميلك الأخضر؟!




ماذا عن ميلك الأخضر؟!
وماذا صنعت فيه؟!.
وماذا عن آثارك التي تركتها خلاله وستبقى ليذكرها الناس بالخير بعد رحيلك؟!.
هذه أسئلة مؤلمة ستسألها لنفسك وستجد إجابتها الملهمة في هذا الفيلم المؤثر والملهم والمذهل والراقي:
(الميل الأخضر The Green Mile)
في سهرة عائلية ممتعة جمعنا فيها جو الشتاء مع هذا الفيلم المبدع الذي يكفيك أن يكون بطولة الرائع دوماً (توم هانكس)؛ في شخصية (بول) أحد حراس السجن؛ أو كبارهم وزعمائهم!؟.
الذي أمتعنا دوما برقي أفلامه خاصة:(المنبوذ Cast away ) ثم الأروع (إنقاذ العريف ريان Saving private Ryan ) والذي سرقوه بنسخة مصرية ركيكة التمثيل فقيرة الإخراج هابطة السيناريو لم نستسيغها وهي فيلم (الممر)!؟.
وهو انتاج (١٩٩٩) ومدته (١٨٨) دقيقة وقد رشح لأربع جوائز (أوسكار) لأحسن ممثل؛ وهو (مايكل كلارك دانكن) الأسمر الجميل العملاق وأحسن فيلم وأحسن موسيقى وأحسن نص سينمائي!.
واعتبره (ستيفن كينج) مؤلفه أنه من أصدق فيلم ترجم أفكاره ورسالته في رواياته.
والميل الأخير هو المسافة التي تمتد من غرفة الزنزانة إلى حجرة الإعدام!.
وفي الفيلم سموه الميل الخضر!؟.
أو هي رمز ملهم للمسافة التي تمتد من موقعك في لحظتك الحاضرة وبين لحظة نهايتك!؟.
فكل منا له ميله الأخضر الخاص به طال أم قصر!.
هذا الميل من المفترض أنه مخصص لمن ارتكبوا جرائم تستحق الإعدام.
ولكن هذا الرجل الضخم والذي لعبت حيل السينما في تضخيم حجمه ذلك الأسمر الجميل (جون كوفي) والذي مثله المبدع (مايكل كلارك دانكن)!؟.
وهو يمثل كل بريء من أي جرم!؟.
والذي يجسد أيضاً جمال الإنسانية ونقائها!؟.
ولكن يحكم عليه ظلماً بالإعدام؛ كرمز ملهم لأي مظلوم في قضية ليس له فيها ناقة ولا جمل!؟.
ولكنه المجتمع الظالم وقوانينه الظالمة وقضاته الأظلم!؟.
فقد اتهموه باغتصاب وقتل فتاتين صغيرتين!.
والذي بدت عليه علامات الطاعة والمسالمة بشكل غريب!.
وكان دائم البكاء بسبب ما يراه من شر لا يستطيع التعايش معه!؟.
فيواجه سلوكيات لا يتحملها قلبه الأبيض!؟.
ويحيط به شخصيات كريهة شاذة وشائهة؛ لا يستطيع مجاراتها أو التعامل معها!.
وهو يمتلك طاقة روحية تجعله يحظى بفراسة رباينة؛ تجعله يرى ما لا يرى من حوله!؟.
ولعل اختيار هيئته؛ التي قد يساء فهمها من البعض؛ بسبب الصورة الذهنية السيئة عن اللون والحجم؛ ثم ربطها بأجمل الأخلاقيات، وبأنبل السلوكيات الباذلة لكل خير لمن حولها وكأنها زهرة برية بيضاء وسط صحراء الحقد والغل والحسد بل وأحط أنواع الجرائم؛ قد قصد بها محاولة أو رسالة لتغيير بعض ما تراكم داخلنا من سوء فهم الآخرين!.
تبدأ الإثارة في الفيلم عندما يقوم (جون كوفي)؛ كمن يزرع فسيلة تنفع من حوله ولو كانوا خصومة!؟.
فيصنع خيراً؛ حتى وهو يعلم أنها آخر لحظات حياته!؟.
بلا أجر ودون مقابل ودون غاية إلا فعل الخير وصنع المعروف!؟.
فيقوم بمساعدة (بول) وقد أصبحا صديقين عجيبين وفي ظروف أعجب؛ فيعالجه في التخلص من ألمه الذي عاناه بوجود حصوة في المسالك البولية!.
ثم يكرر تجربته الروحية مع الفأر (مستر جينجل) المذهل؛ والذي يمثل أحد أجمل أبطال الفيلم؛ والذي ي قيل أنهم استعانوا بخمسة عشر فأراً؛ للقيام بدور هذا الفأر المذهل وكان معهم مدرباً خاصاً به!.
ففاعل الخير تمتد أياديه البيضاء؛ حتى للحيوانات الضعيفة البريئة!.
ثم في علاج زوجة صديق (بول) المقرب!؟.
لمجرد إدخال السرور على قلوب وعلى بيوت وعلى نفوس؛ وإن كانوا سجانيه!؟.
وحتى لا نحرق أحداث الفيلم الجميل نركز مع بعض الخواطر والتي جاءت أهمها من المشهد الرئيس أو (الماستر سين) للفيلم؛ وهو الذي يلخص رسالة الفيلم الإنسانية!؟.
وقد كان هذا الحوار في هذا المشهد من أجمل ما تشاهده في حياتك؛ فقد سجل أنه قد أبكى الملايين ولم يزل من جمال الكلمات؛ وجمال الكادر، وجمال الممثلين، ثم جمال الموسيقى!؟.
يقول (بول) النبيل في لحظة صدق ومراجعة تمثل رسالة ورمز لكل من يشارك في ظلم أبرياء وهو يعلم براءتهم ولكنه تحت حجة عبد المأمور الذي يقوم بوظيفة لا يحبها وتفرض عليه: 
"عندما أقف أمام الله ويسألني: لماذا قتلت واحد من الصالحين، ماذا سأقول وقتها؟"
فيجاوبه (جون) الطيب وهو يمثل حالة كل طيب وبريء في هذه الحياة!؟.
وقد سأم زيف كل من وما حوله!.
فيقرر أن يرحل هو بنفس راضية لقبول قدر الله فيه؛ ولا يحقد على ظالميه ولا يلوم جلاديه ولا يسترحم قاتليه: 
"ستقول أنك فعلت ذلك عطفاً منك!.
أعلم أنك قلق وتعاني!.
أستطيع أن أشعر بذلك ولكن عليك أن تكف عن ذلك!.
أريد أن ينتهي هذا الأمر معك!.
أنا متعب يا سيدي!.
متعب من كوني وحيدًا في الطريق كعصفور تحت المطر!؟.
تعبت من البشر لأنهم سيئين مع بعضهم!.
تعبت من كل الآلام التي أشعر بها وأراها في العالم كل يوم وهناك الكثير منها!؟.
إنها تزعجني دائمًا".
وفي مشهد آخر يقول (جون) عن قاتل الصغيرتين: 
"لقد قتلهما يحبهما لبعضهما البعض. وكثيرا ما يحدث هذا في العالم من حولنا".
نعم وكثيراً من الجرائم ترتكب بدافع الحقد والغل والحسد على الآخرين!؟.
ونلخص الخواطر التربوية أو الرسائل الإيجابية في نقاط مختصرة؛ ستستشعرها كإنسان خاصة إذا كنت صاحب رسالة إنسانية أو فكرة نبيلة عشت بها ولها وابتليت ظلماً بسببها:
(1) كم من مظلوم وبريء ويحمل جرماً لم يصنعه!؟.
وكم هو قاسٍ أن يعلم ذلك من حوله خاصة ظالميه!؟.
والأقسى أنهم يستمرون في ظلمه ولا يملكون له حيلة!.
(2) كم من قتلة وظالمين؛ بفرون بظلمهم وجرائمهم ولو لحين؛ ولا يعلم بهم أحداً إلا الله!.
(3) الظالم أو القاتل سينال عقوبته في الدنيا قبل الآخرة!.
(4) كم من جرائم ترتكب بسبب الحقد على من يحبون بعضهم بعضاً؛ بدافع الحسد والبغضاء!.
(5) جميل ومؤلم أن ترى عطفاً من جلاديك وقاتليك أو سجانيك في شدتك وفي محنتك!؟.
فلا تنساهم!.
ولن ينسونك!؟.
(6) كم هو جميل أن تعين ظالميك وقاتليك؛ حتى وأنت في أقسى لحظات الظلم والتي قد يكون ثمنها حياتك!؟.
فتكون أسمى منهم ومن ظلمهم ومن أحكامهم!.
(7) كم هو غريب أن أن تجد تبايناً في سلوكيات ظالميك وقاتليك بين الدنيء الحقير والنبيل!.
(8) كم هو مرعب حجم الشر وعدم المحبة الموجودة في العالم هي التي قتلت الأطفال بداخلنا!؟.
(9) كم نحتاج دوماً إلى أن ننفض عنا قاذورات الشر التي قتلت براءة وجمال الطفولة بداخلنا!؟.
فنعود مثل الأطفال من جديد!.
(10) كم من كبير يترفع عن الإنحناء حتى وهو يقابل نهايته ومصيره؛ ليرسم فكرة نبيلة تعيش بين الناس أكثر من عمره وحياته في الأرض!.
تنويه هام:
لمن سيرى الفيلم المذهل مع العائلة فعليه أن يتجاوز فقط ثلاث دقائق من (188) دقيقة؛ وهي الفترة القصيرة من الدقيقة (106) إلي (109) فقط والتي لا تقطع فكرة سياق الفيلم)!.
(د. حمدي شعيب
الجمعة 25 أكتوبر 2019)






ثم ...
د. حمدي شعيب
(27 أكتوبر 2019م)

ليست هناك تعليقات: