الخميس، 11 أبريل 2019

مولاك ... عندما يقتص لك!

مولاك ... عندما يقتص لك!؟
حادثة أليمة في بدايتها!؟.
ولكنها أشد ألماً في نهايتها!؟.
ولم تزل محفورة في ذاكرتي بقوة منذ عقود!؟.
فتطمئنني بأن مولانا معنا شهيد ورقيب وحسيب!.
وفي نفس الوقت ترعبني من غضبه وقصاصه كما يليق بعظمته وسلطانه!.
فذات يوم في التسعينيات عندما كنت أعمل في مستشفى الولادة والأطفال في (بريدة) في (السعودية) وبينما كنت أغير مع زميلي الدوام الساعة الرابعة مساءًا!.
شاهدت أمام بوابة المستشفى زميلاً كان مقرباً جداً من أشد المديرين السعوديين الذين عاصرتهم قسوة وتعسفاً ـ والذي له قصة غريبة وموحية سيأتي وقتها بعون الله ـ لدرجة أنه كان ذراعه اليمين أو إن شئت قلت كلتا ذراعيه!؟.
وكان في سيارته منتظراً زميله الذي سيغير معه الدوام.
ولسوء حظ الزميل أو لسوء حظهما معاً؛ أنه تأخر حوالي ربع ساعة!.
فلما حضر مسرعاً خجلاً معتذراً؛ بسبب أنه قد تعطلت سيارته!.
قام زميلنا بنهره على الملأ!؟.
ولكنه لم يكتف بتوبيخه؛ بل أثناء دخول هذا الزميل المتأخر المستشفى؛ أتاه هذا الزميل المغرور؛ غدراً وجبروتاً؛ فدفعه بسيارته من الخلف!.
حتى كاد أن يلقيه أرضاًَ!؟.
وكان منظراً مؤلماً وقاسياً أمام الزملاء!؟.
لأن هذا المظلوم لا يستطيع الرد على ذلك المغرور لعلاقته المميزة بالمدير!.
ورأيت بعيني؛ ذلك المعنى النازف الذي لا يغيب عن ذاكرتي؛ بل لكل معاني انكسار الإنسان، وأن يكون حقاً مغلوباً على أمره!.
ولم تزل لا تغيب عن مخيلتي؛ تلك الصورة القاسية للدموع وهي تكاد تحرق عينيه!.
فترجم بها كل المعاني النازفة والمؤلمة لقهر الرجال!؟.
ذكرتني بنفس دموع المبدع محمود المليجي رحمه الله؛ في أعظم لقطات فيلم (الأرض)!؟.
وكيف أراد أصحاب النفوذ والسلطان إذلاله على الملأ!.
وكأنها رسالة قاسية؛ لكل من يحاول الصمود أو مجرد الاعتراض!؟.
فكسروا رجولته!؟.
وأهانوا إنسانيته!؟.
فحلقوا شاربه قسراً!؟.
وحاول إخفاء عاره بكوفيته؛ وهو يتظاهر بالشموخ والتجلُّد أمام أهل القرية المساكين المغلوبين على أمرهم!؟.
ولكن فضحت ضعفه الإنساني؛ تلك الدموع الدامية؛ والكاوية لكل قلب لا يرضيه الظلم والقهر!؟.
فجبرت خاطر زميلنا المسكين؛ بما أقدر عليه من كلمات طيبة!.
ولكنه لم يردّ ولم ينطق؛ لدرجة أنني استعجبت من صمته وحزنه!.
وساعتها خفت عليه؛ من هذا الكبت أن يصيبه مكروه!؟.
ولعله رفع شكواه الصامتة إلى مولاه!.
ولا أدري للآن ماذا بينه وبين ربه?!.
وما هي سر تلك الدعوات التي رفعها لمولاه؟!.
فتلقفتها الملائكة لتصعد بها مهرولةً إلى الحكم العدل في السماء السابعة؛ وهي غاضبة له مشفقة عليه!؟.
ففُتحت لها أبواب السماء!؟.
وأهاجت الملأ القدسي الأعلى!؟.
فاستجاب لها سبحانه ذو العزة والجبروت مالك الملك والملكوت!؟.
ببيان علوي عاجل بلغه لنا الحبيب صلى الله عليه وسلم:
"اتَّقوا دعوةَ المظلومِ فإنَّها تصعدُ إلى السَّماءِ كأنَّها شرارةٌ" (حسن)
«اتقوا دعوة المظلوم، وإن كان كافرًا، فإنه ليس دونها حجاب» (صحيح الجامع الصغير).
«اتَّقُوا دَعْوَةَ المَظْلومِ!.
فإنَّها تُحْمَلُ على الغَمامِ!.
يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: وعزَّتي وجَلالِي لَأنْصُرَنَّكِ ولَوْ بعدَ حِينٍ»  (صحيح)
ومرت سنوات!.
ونسيت الحادثة!.
ولكن ...
"وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّا". (مريم64)
يا الله ...
كم هو مرعب ذلك القانون الرباني الحاسم والسنة الإلهية المرعبة: 
(الجزاء من جنس العمل)!.
وكما تَدِينُ تُدان!.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.

اللهم إنا نسألك العافية.
فذات يوم بينما كان هذا المغرور يستقل سيارته مع بعض أصحابه؛ دهمتهم سيارة والعياذ بالله.
والغريب أن كل من فيها نجوا إلا هو!.
والأكثر غرابة أن السيارة ...
وبنفس الطريقة ...
قد داهمتهم من الخلف!!!؟.
(د. حمدي شعيب ـ 13 مايو 2017م)


  





ليست هناك تعليقات: