في زيارة ودية لأحد الأصدقاء؛ الذي يعمل في أحد الجهات السيادية، وفي أثناء سيري في الردهة الطويلة بضوئها الخافت؛ ولعله جو مقصود لتقشعر منه نفوس الزائرين؛ فيزداد توترهم ويتعاظم ارتباكهم وتتضخم رهبتهم من المبنى وشاغليه، وعن اليمين وعن اليسار ترى بعض الرجال يقفون، ويتخيل إليك أنهم يمارسون دوراً مرسوماً، ويتحدون في شيء واحد؛ وهو النظرات الحادة إليك؛ فهم لا يفرقون بين الزائر الودي الذي يأتي برغبته، وبين الزائر الآخر سيء الحظ الذي يأتي أو يؤتى به مضطراً؛ فكلاهما في عرفهم غرباء متطفلون، ومتهمون حتى يثبت العكس، ويوحون إليك أن عيونهم تشع أضواءً كفلاشات الكاميرات الخفية؛ التي تراقبك وتعد نبضاتك السريعة، وتلاحظ سكناتك المتوجسة، وتحصي كل حركاتك المتعثرة؛ فتزداد توتراً فوق توترك؛ فتستحيل تلك النظرات الصارمة إلى سياط تلهب ظهرك المغطى برذات من العرق البارد اللزج، ونيران تلفح وجهك الممتقع صفرة؛ فتقسم بينك وبين نفسك ألا تعود إلى هذا المبنى؛ بل وتتمنى ألا تراه ولو يراه غيرك ولو في أصعب الكوابيس!؟.
لمتابعة حوار وفضفضة صندوق الانتخابات من فضلك افتح موقع المصريون.
يقول عالم نوبل الجليل د. أحمد زويل في كتابه الممتع (عصر العلم): (وإذا ما أردت أيها القارئ أن تتصور ماذا نعني بمفهوم أو ظاهرة الترابط (Coherence) بين الجزيئات؛ هب أن هناك عدداً كبيراً من الناس وليكن عشرة آلاف شخص يسيرون في طريق ما في وقت واحد، وأن كل واحد منهم يسير في طريقه حسبما يريد، وأنه لا توجد ثمة علاقة في طريقة أي من هؤلاء العشرة آلاف في مشيته فالشخص (أ) مثلا يمكنه أن يسير إلى الشرق أو الغرب أو الشمال أو الجنوب، وكذلك الحال بالنسبة للشخص (ب) أي يمكنه أن يسير في أي اتجاه يريد، فإذا ما ضربنا هذه التحركات في عشرة آلاف ـ عدد السائرين في الطريق ـ حصلنا على ما يسميه العلماء بالحركة اللامترابطة (Incoherent Motion)؛ وهي حركة بطيئة ومنتشرة ويمكن أن تتوقع أن شخصاً ما يصدم الآخر، وهكذا بالنسبة لبقية السائرين في الطريق وهذه عملية ليست شديدة الفعالية لأنها عملية غير ترابطية وبطيئة وعشوائية.
ومن ناحية أخرى فإنه إذا ما تصورنا أنه خلال هذه الحركة التي في الطريق الآنف الذكر، أن كل واحد من العشرة آلاف شخص كان يعرف بدقة ماذا سيفعل كل واحد في هذا الجمع الغفير من البشر في تحركاته تلك، فعندئذ نجد أن جميع السائرين في الطريق يسيرون في تناغم وتآلف، وعندئذ تصبح حركة هؤلاء الناس؛ حركة ترابطية (Coherent Motion) وهي حركة شديدة الفعالية.
الجدير بالذكر أن كثيراً من الظواهر في الكون تسير مترابطة فيما بينها.
ولا تختلف الصورة في المجتمعات البشرية عن ذلك كثيراً؛ فالمجتمعات المترابطة، أو حتى شبه المترابطة؛ هي مجتمعات فعالة، مؤثرة وعلى النقيض من ذلك؛ المجتمعات غير المترابطة هي مجتمعات غير فعالة وتبدو مشوشة وتسير على غير هدى من أمرها).
ظاهرة الترابط الكوني ... ودلالاتها؟:
أعجبتني هذه السلاسة الراقية في شرح ظاهرة الترابط الكوني؛ والتي فتح لنا بها هذا العالم الجليل ببساطة وبروعة باباً راقياً في فهم ظاهرة الترابط الكوني، ودلالاتها وآثارها الكونية، والمجتمعية.
ولكننا نجد أن هذه الظاهرة يمكن أن تنطبق على مجالات أخرى، وتتكرر في كل أحوالنا؛ مثل الحالة السياسية، والتربوية، والثقافية، والتعليمية، والإسلامية، والأسرية، و...!؟.
وخلاصتها أو إيحاءاتها؛ أن الحركة التعاونية أو الجماعية والمتوافقة منتجة وفعالة ومثمرة، وأن الحركة الفردية أو الجماعية غير المتوافقة؛ غير مثمرة؛ بل قد تكون محبطة ومدمرة!.
لهذا كان فهم هذه الظاهرة يعطينا تفسيراً أسباب وعلاج لمحنة شارعنا الثقافي والسياسي بل والتربوي والأسري!؟.
للمزيد من فضلك افتح موقع المصريون.
رسائل الحج التربوية (4 و5 و6) عندما نستمر في قراءة تاريخ هذا الركن العظيم، من خلال سيرة تلك العائلة المباركة، ونتذكر كيف أن إبراهيم عليه السلام امتثل لأمر الله عز وجل ووحيه، وأخذ وحيده إسماعيل عليه السلام وزوجته هاجر وذهب بهما إلى مكة، (وكانت مكة يومئذ لا نبت فيها ولا ماء، وأنزلهما بمكة في موضع زمزم، ومضي لا يلوي على شيء. ودعا دعائه الخاشع الراضي، وانصرف إلى أهله بالشام، وترك هاجر وولدها الذي طالما دعا الله سبحانه أن يرزقه به.
كم كانت تضحية كبيرة!؟. أبَعْد أن يُرزق الولد، ويراه بين يديه، وتقر عينه برؤيته، يحرم منه وهو حي يرزق؟!.
والأعجب من هذا يحرم منه طائعاً مختاراً نزولاً على أمر الله عز وجل).
لمتابعة الرسائل 4 و5 و6 من فضلك افتح موقع المصريون.
"ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين". [آل عمران 97]
يبدأ الحاج رحلته المقدسة المباركة، بسجود شكر للحق سبحانه، أن هيأ له الأسباب والإمكانيات والتيسير، فكان من المستطيعين، والقادرين على أن يستجيب لهذه الدعوة الإبراهيمية الجليلة، ويؤدى هذا الركن العظيم. وكان ممن شرفهم الحق سبحانه، ـ الغني الكريم الذي لا تنفعه طاعة مخلوق، ولا تضره معصيته، ـ فلبى النداء، ثم يحمده سبحانه على أن نجاه من الكفر والخسران.
لمعرفة الرسائل الثلاث الأولى من فضلك افتح موقع المصريون.