(ألغام على طريق الصيام:
٣- الصائمون ... الآكلون الرماد الحار!!!)
ومن أخطر الألغام الشياطنية على طريق العبد!.
هي ما نقصد بها هذه (الشيزوفرينيا العبادية!)!.
وهي ظاهرة الانفصام التي تصيب بعض المتدينين.
خاصة بعض الصائمين!.
فتراه يجمع بين حالين عجيبين متناقضين!.
لا يجمعهما فيه ولا يزينهما له إلا إلقاءات إبليسية!.
إما جهلا أو تجاهلها!.
الحال الأول:
تراه يصلي في أول الصفوف.
ويبهرك بملازمته لتلاوة القرآن الكريم.
ويذهلك بركيعاته التي يبكي فيها في السحر.
والمسبحة لا تفارق يداه!.
الحال الثاني:
عندما تراه في صورة مغايرة للحالة الأولى!.
حيث تجدة في حالة شاذة شائهة تجعلك تضرب كفًا بكفٍ من فرط دهشتك من سلوكياته التي تناقض حاله الأول.
فتجده قاطعا لرحمه!.
بل ويبرر قطيعته لرحمه بحجج لا يراها إلا هو!.
ويوصد كل باب أمام واصليه!.
ويصم أذناه عن كل ناصح له بصلة الأرحام!.
ويتهم الواصلين بكل نقيصة ليقنع ذاته ويريح داخله!.
بل والأدهى من ذلك أن يغضب لمن وصل من قطعهم!.
فهل تشفع تلك الركيعات وكثرة التلاوات والدموع المنسكبات لجرم وإثم قطيعته للرحم؟؟؟!.
(وعيد ... وتهديد!)
وكيف ينسى وعيده صلى الله عليه وسلم عن مولانا سبحانه:
"إنَّ الرَّحِمَ ....
شِجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ.
فقالَ اللَّهُ:
مَن وصَلَكِ وصَلْتُهُ.
ومَن قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ". (البخاري)
والشِجْنةُ في الأصلِ:
عُروقُ الشَّجرِ المشتَبِكةُ.
والمرادُ هنا:
أنَّها مُشتقَّةٌ «مِن الرَّحمنِ».
أي: مِن اسمِ الرَّحمنِ.
فكأنَّها مُشتبِكةٌ بمَعاني الرَّحمةِ به اشتِباكَ العُروقِ؛ لكَونِها مِن أصلٍ واحدٍ.
فإنَّ مَن وصَلها ...
وصَلَه اللهُ تعالى ببِرِّه وإحسانِه ونُصرتِه.
ومَن قطَعَها ...
قطَعَه اللهُ تعالَى مِن بِرِّه وإحسانِه وعَوْنِه وتَوفيقِه ورحْمتِه.
(منزلة خاصة!)
وقد شرفها ربنا تعالى بقدر خاص.
ووضعها في منزلة مميزة.
"قال اللهُ تبارَك وتعالى:
أنا الرَّحمنُ.
خلَقْتُ الرَّحِمَ.
وشقَقْتُ لها اسمًا مِن اسمي.
فمَن وصَلها وصَلْتُه.
ومَن قطَعها بَتَتُّه". (صحيح ابن حبان)
(حتى لا نضيع الثمار!)
وأي عباده توازي هذه الثمار الطيبة لصلة الرحم.
وهي البركة في الرزق من العافية والزوجة الصالحة والذرية الطيبة والمال الصالح.
والبركة في العمر وتأخير الآجال.
"مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ.
أوْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ.
فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ". (البخاري)
(بشرى للواصلين ... وتبكيت للقاطعين!)
لذلك كان هذا الوصف المرعب لمن يصل قاطعيه!.
لأن ثواب صلة الرحم المقطوعة عظيم لعظم نفسية الواصل وخبث نفسية القاطع!.
فقد جبر خاطره الحبيب صلى الله عليه وسلم ووصف ما يفعله كأنه يَسِفٌُهُم المَلّ أي يطعم قاطعيه الرماد الحار.
بل ويرسل له جنودا ...
لا نراها ...
تثبته ...
وتدافع عنه ...
وتنصره عليهم!.
فأبشر أيها الواصل ...
واحذر أيها القاطع!.
أنَّ رَجُلًا قالَ:
يا رَسُولَ اللهِ،
إنَّ لي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إليهِم وَيُسِيؤُونَ إلَيَّ،
وَأَحْلُمُ عنْهمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ،
فَقالَ:
"لَئِنْ كُنْتَ كما قُلْتَ،
فَكَأنَّما تُسِفُّهُمُ المَلَّ ...
وَلَا يَزَالُ معكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عليهم ما دُمْتَ علَى ذلكَ". (مسلم)
نسأل الله أن يجعلنا وذرياتنا وأهلينا وكل من أحبنا وأحببناه في الله من الواصلين لرحمنا.
ثم ...
د. حمدي شعيب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق