الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015

اللهم إني أعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن


قال الحافظ ابن حجر رحمه الله, في شرح معاني الحديث:
(قوله: (من تَشَرَّفَ لها) أي: تطلَّع لها، بأن يتصدى ويتعرض لها ولا يعرض عنها.
قوله: (تستشرفه) أي: تهلكه، بأن يشرف منها على الهلاك، يقال استشرفت الشيء علوته وأشرفت عليه، يريد من انتصب لها انتصبت له، ومن أعرض عنها أعرضت عنه. وحاصله: أن من طلع فيها بشخصه قابلته بشرها.
ويحتمل أن يكون المراد: من خاطر فيها بنفسه أهلكته، ونحوه قول القائل: من غالبها غلبته.
قوله: (فمن وجد فيها ملجأ) أي يلتجئ إليه من شرها.
قوله: (أو مَعاذا) هو بمعنى الملجأ.
قوله: (فليعذ به) أي: ليعتزل فيه ليسلم من شر الفتنة.
المراد بهذه الفتن ما يكون بين المسلمين من القتال بالبغي والعدوان، أو التنازع على أمور الدنيا، دون أن يتبين أي الفريقين هو المحق، أو أيهما هو المبطل.
قال الإمام النووي رحمه الله:
 (وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (القاعد فيها خير من القائم) إلى آخره، فمعناه بيان عظيم خطرها، والحث على تجنبها، والهرب منها، وأن شرها وفتنتها يكون على حسب التعلق بها).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
(قوله: (والقاعد فيها خير من القائم) حكى ابن التين عن الداودي أن الظاهر أن المراد من يكون مباشرا لها في الأحوال كلها، يعني أن بعضهم في ذلك أشد من بعض، فأعلاهم في ذلك الساعي فيها بحيث يكون سببا لإثارتها، ثم من يكون قائما بأسبابها وهو الماشي، ثم من يكون مباشرا لها وهو القائم، ثم من يكون مع النظَّارة ـ يعني المتفرجين ـ ولا يقاتل وهو القاعد، ثم من يكون مجتنبا لها ولا يباشر ولا ينظر وهو المضطجع اليقظان، ثم من لا يقع منه شيء من ذلك ولكنه راض وهو النائم.
والمراد بالأفضلية في هذه الخيرية من يكون أقل شرا ممن فوقه على التفصيل المذكور.
وفيه التحذير من الفتنة، والحث على اجتناب الدخول فيها، وأن شرها يكون بحسب التعلق بها). 
 ليس أي أحد يمتلك البوصلة الإيمانية التي تفرق بين الحق والباطل.
أو الفراسة التي تميز بين الخير والشر.
أو العقلية التي تفاضل وتوازن بين الخيرين وبين الشرين.
فاللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه.
وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
 ثم ... 

مع دعوات محبكم: 

د. حمدي شعيب

 (4 ربيع أول 1437هـ = 15 ديسمبر 2015م)

ليست هناك تعليقات: