من فضلك افتح موقع (إسلاميات).
حوار مع
ليلة القدر!
بينما كنت أتحاور مع
صديقي الحبيب وضيفي الكريم رمضان؛ حيث كان يلملم حاجياته ويوصني قبل الوداع؛ بأن
أحسن استقبال صديقي العزيز شوال، وحبيبنا الجميل العيد السعيد؛ فأذا بي أشم رائحة
لم أعهدها من روائح دنيانا، وسمعت همساً ملائكياً حبيباً إلى إذني وقريباً إلى
قلبي وكأنني أعرفه؛ رغم عدم تمكنني من رؤيته؛ فأخذت أتلفت حولي وعن يميني وشمالي
ومن فوقي؛ لهفة لمعرفة من هذا الحبيب صاحب الصوت الودود الشفوق القريب!؟.
فرأيت رمضان يبتسم؛
وهو يعلق: هذه هي معشوقتكم التي تحلمون برؤيتها كل زيارة لي؛ وهي التي لا تأتي إلا
بصحبتي فقط.
ولم تزل في انتظار
الفارس الذي سيفوز بها في سباق زيارتي السنوية إليكم!؟.
فعقدت الدهشة لساني؛ وتلجلجت
متسائلاً: معشوقة وفارس؟!.
قال رمضان: نعم؛ وسأسمح
لكم بسماعها الآن فقط، والحديث معها، أما رؤيتها فتلك هدية رب العالمين يضعها على
قمة جبل أو عند خط نهاية سباق فرسان رمضان؛ فلا يفوز بمقابلتها إلا من شاء منهم
ورضي عنه، فهيا شمروا وأكملوا السباق الرباني الرمضاني!؟.
قلت: من هي تلك
الغالية المتمنعة؟!.
فلم يرد رمضان،
وتركني للرد على هذه الكلمات الغالية من الغالية: نعم أيها الفارس الرمضاني؛ أنا
ليلة القدر!؟.
منعٌ ...
ومنح!:
تعجبت منها وهي لا
تريد أن تظهر لي عياناً؛ كما فعل شعبان ورمضان معي!؟.
وقلت: لِمَ تمتنعين وتصعبين
لقاءنا؟. ألا تسمحي لنا بمقابلتك أيتها الغالية؟.
قالت: أولاً؛ فإنني
أسر إليكم أن هذه المقابلة أتمناها أنا من عميق قلبي لأنها مهمتي من الرحيم الودود
الغفور الحنان المنان؛ ولو علمتم هذا القدر العظيم من الخير الذي أحمله لكم وستفوزون
به لو تقابلنا؛ لما نمتم من الشوق والسعادة؛ لذا ألا أسعد لسعادتكم؟!.
ثانياً: أما امتناعي
عن هذه المقابلة؛ فهذا له عدة رسائل تربوية تدعوكم للتأمل والمراجعة والتصحيح
والاجتهاد:
الرسالة
الأولى: راجعوا أنفسكم:
لا تغضبوا مني إذا
قلت أنكم أنتم السبب في رفض هذا اللقاء السعيد، وتأملوا هذا الخبر النازف عن أنس رضي
الله عنه قال: أخبرني عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم خرج يخبر بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين.
فقال: إني خرجت
لأخبركم بليلة القدر، وإنه تلاحى فلان وفلان؛ فرفعت، وعسى أن يكون خيراً لكم،
التمسوها في التسع والسبع والخمس". [البخاري: كتاب الإيمان ـ 1919، 5702]
أي أن الحبيب صلى
الله عليه وسلم؛ جاء بخبر أعظم خير لأمته، وأرفع هدية من الحنان المنان لعباده؛ بل
للكون والوجود كله؛ وهي تحديد وتعيين ليلة القدر، ولكن تلاحى رجلان أي وقعت بينهما
ملاحاة وهي المخاصمة والمنازعة والمشاتمة. أو كما جاء في صحيح مسلم يحتقان؛ فيدعي
كل منهم أنه المحق دون صاحبه.
(ويحتمل أن يكون
المعنى أيقظنى بعض أهلي فسمعت تلاحى الرجلين فقمت لأحجز بينهما فنسيتها للاشتغال
بهما وقد روى عبد الرزاق من مرسل سعيد بن المسيب أنه صلى الله عليه وسلم قال الا
أخبركم بليلة القدر قالوا بلى فسكت ساعة ثم قال لقد قلت لكم وأنا أعلمها ثم
انسيتها فلم يذكر سبب النسيان وهو مما يقوي الحمل على التعدد قوله رجلان قيل هما
عبد الله بن أبي حدرد وكعب بن مالك ذكره بن دحية ولم يذكر له مستندا قوله لأخبركم
بليلة القدر أي بتعيين ليلة القدر قوله فرفعت أي من قلبي فنسيت تعيينها للاشتغال
بالمتخاصمين وقيل المعنى فرفعت بركتها في تلك السنة وقيل التاء في رفعت للملائكة
لا لليلة وقال الطيبي قال بعضهم رفعت أي معرفتها). [فتح الباري: ابن حجر ـ كتاب
صلاة التراويح]
وهذه رسالة تحذير لكل
مسلم؛ أن الاختلاف والتنازع والجدل والمخاصمة؛ كلها أخطاء سلوكية وأخلاقية تزيل
الخير والبركة وتمنعه سواء على مستوى الفرد أو الأسرة أو الأمة.
فإذا افتقدتم الخير؛
أو استبطأتمونه؛ فراجعوا أنفسكم: "أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ
قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ
أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ". [آل عمران165]
الرسالة الثانية:
دعوة للإيجابية:
ونستشف هذه الرسالة
من "وعسى أن يكون خيراً لكم"؛ فعسى من باب التأويل المستحب؛ فلعله
الخير لكم؛ حتى تجتهدون وتتنافسون على الخير؛ طوال الشهر الكريم خاصة العشر
الأواخر؛ خاصة الليالي الوترية، ولا تركزوا الجهود والطاعة في ليلة واحدة فقط،
وتنامون بقية الشهر.
والتماسها في التسع
والسبع والخمس أي في تسع وعشرين وسبع وعشرين وخمس وعشرين.
الرسالة
الثالثة: من سيقدم مهر العروس؟:
أما من سيتشرف
بمقابلتي؛ فهو الذي سيقدم مهري؛ والذي يقوم على أمرين:
الأول: الدعاء:
وهو التحرق كل ليلة ـ مثلك ـ أن يبلغه سبحانه
شرف لقائي؛ فهو الوسام الذي يحصل عليه فقط من سيفوز في سباق فوارس رمضان المجتهدين
خاصة في العشر الأواخر خاصة الليالي الوترية.
الثاني: العمل والأخذ
بكل الأسباب المستطاعة:
وقد وضح صديقنا رمضان هذه الأعمال الصالحة في حواره معكم؛ خاصة
إجابته عن سؤالكم السادس؛ وهو الذي كان يدور حول مؤشرات وعلامات قبول حسن
استضافتكم لرمضان، وكيف تطمئنون أنكم أسعدتموه، وأنكم من الفائزين إن شاء الله
تعالى، وكيف تقيمون أنفسكم أثناء حصاد رمضان؟.
وهذا هو المهر الذي سأقبله لأنه الفوز بخيري
وببركتي أو البديل فهو الحرمان والعياذ بالله: "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
لَمَّا حَضَرَ رَمَضَانُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ افْتَرَضَ اللَّهُ
عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَيُغْلَقُ فِيهِ
أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ
أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا قَدْ حُرِمَ". [5] [رواه البخاري ـ
كتاب الصوم 1765]
العروس تتحدث عن نفسها:
أعجبني كلامها وحرك في نفسي دافعاً غريباً
وحافزاً يهتف بي أن أشارك بجد في سباق الحصول على مهر العروس الغالية.
ثم تساءلت: ولكن ألا تعرفينني
بنفسك أكثر؛ وهذا ليس من باب الجهل بقدرك وقيمتك؛ ولكن من باب تجديد العشق والحث
على التنافس لمقابلتك؟.
قالت: سأذكركم ببعض
ما ورد في وصفي:
1-وسام
القدر:
يكفيني أن من يقابلني
سيحصل على وسام القدر؛ أي التعظيم والتشريف، وسيناله من قدري وشرفي وخيري وبركتي؛
التي وصفني بها رب العالمين في سورة تحبونها وسميت بإسمي: "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا
أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ. تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ
أَمْرٍ. سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ". [القدر1-5]
إنني وافتخر:
(1)ليلة القدر والقيمة الشرف والفضل؛ والذي أنزل الله سبحانه فيها القرآن
الكريم.
(2)خير من ألف شهر.
(قد يكون معناه التقدير
والتدبير. وقد يكون معناه القيمة والمقام. وكلاهما يتفق مع ذلك الحدث الكوني العظيم. حدث القرآن والوحي والرسالة. وليس أعظم منه ولا أقوم في أحداث هذا الوجود. وليس
أدل منه كذلك على التقدير والتدبير في حياة العبيد. وهي خير من ألف شهر. والعدد لا يفيد التحديد. في مثل هذه المواضع من القرآن. إنما هو يفيد التكثير.
والليلة خير من آلاف الشهور في حياة البشر.
فكم من آلاف الشهور وآلاف السنين قد انقضت دون أن تترك في الحياة بعض ما تركته هذه الليلة المباركة السعيدة من آثار
وتحولات). []
(3)ليلة المهرجان العلوي القدسي الكريم حيث تمتلئ السماء والأرض بكثرة نزول
الملائكة وجبريل عليه السلام فيها, بإذن ربهم من كل أمر قضاه في تلك السنة أي
بمصير وأحوال العباد.
(ولقد فرق فيها من كل أمر حكيم. وقد وضعت فيها من قيم
وأسس وموازين. وقد قررت فيها من أقدار أكبر من أقدار الأفراد. أقدار أمم ودول وشعوب. بل أكثر وأعظم؛ أقدار حقائق وأوضاع وقلوب). [].
(4)أنشر السلام والأمن في الكون والوجود كله
بأحداثي القدسية؛ لكثرة السلام فيها من الملائكة لا
تمر بمؤمن ولا بمؤمنة إلا سلمت عليه؛ حتى ينبثق نور الفجر.
(ولقد تغفل البشرية ـ لجهالتها ونكد طالعها ـ عن قدر
ليلة القدر. وعن حقيقة ذلك الحدث، وعظمة هذا الأمر. وهي منذ أن جهلت هذا وأغفلته
فقدت أسعد وأجمل آلاء الله عليها، وخسرت السعادة والسلام الحقيقي ـ سلام الضمير وسلام البيت وسلام المجتمع ـ الذي وهبها إياه الإسلام. ولم يعوضها عما فقدت ما فتح
عليها من أبواب كل شيء من المادة والحضارة والعمارة. فهي شقية؛ شقية على الرغم من فيض الإنتاج وتوافر وسائل المعاش). []
(5)وهذا الوسام سببه؛ فقد قيل:
أ.لشرفي وعظيم قدري عند الله.
ب.لأنه يقدر في ما يكون في تلك السنة.
ج.لأنه ينزل في ملائكة ذوات قدر.
د.لأنه نزل في كتاب ذو قدر، بواسطة ملك ذي قدر، على رسول ذي قدر، وأمة ذات
قدر.
ه.لأن للطاعات في قدراً عظيماً.
و.لأن من أقامني وأحياني صار ذا قدر.
2-وسام البركة:
وهناك وسام آخر؛ وهو وسام البركة الذي ينتظر أحبائي؛ لأنني ليلة مباركة
تبارك ضيوفها.
وتأمل مفردات هذا الوسام القرآني العلوي لتكريمي:
"إِنَّا
أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ. فِيهَا
يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ. أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ.
رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ". [الدخان3-6]
(1)أنا الليلة
المباركة؛ التي شرفني سبحانه بنزول القرآن الكريم؛ فبوركت باختيار ربنا وبوركت
بقرآنه؛ لإنذار الناس بما ينفعهم ويضرهم, لتقوم حجة الله على عباده.
فحدث نفسك وحفزها
لحضور فاعليات وبركات هذا التجمع المبارك؛ من قرآن كريم وليلة قدر وشهر رمضان
وملائكة وجبريل عليه السلام.
(2)أنا ليلة الفرق والقضاء
والفصل؛ ففي يُقضى ويُفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة من الملائكة كلُّ أمر محكم
من الآجال والأرزاق في تلك السنة, وغير ذلك مما يكون فيها إلى آخرها, لا يبدَّل
ولا يغيَّر.
(3)أنا ستار لأقداره
سبحانه في هذا الكون؛ فتأمل يد الله سبحانه هي التي تحرك الأحداث؛ فهذا الأمر
الحكيم أمر مِن عنده سبحانه؛ فجميع ما يكون ويقدره الله تعالى وما يوحيه فبأمره
وإذنه وعلمه؛ فسبحانه يرسل إلى الناس الرسل محمدًا ومن قبله.
(4)أنا علامة الرحمة؛
التي هي المحور العام لما يحدث في؛ فرحمة من ربك كان القرآن وكان رمضان وكانت ليلة القدر وكان
إرسال الرسل؛ فهو سبحانه السميع يسمع جميع الأصوات, العليم بجميع أمور خلقه
الظاهرة والباطنة.فهل بعد ذلك من بركة؟.
وهل بعد ذلك من شرف
ورحمة وتقدير وقيمة؟!.
3-وسام المغفرة:
فمن قابلني وأحسن
المقابلة فينتظره وسام كريم من رب كريم غفور ودود حنان منان؛ وهو وسام المغفرة: "مَنْ
قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ
ذَنْبِهِ وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا
تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". [رواه البخاري ـ كتاب الصوم 1768]
متى
اللقاء؟
استشعرت من كلامها أننا فعلاً أمام ليلة يجب أن نحسب لها حسابها ونبذل ما
وسعنا من جهد لنيل شرف مقابلتها؛ وقلت: متى نستطيع أو نتوقع رؤيتك في شهرنا
الكريم؟.
قالت بتواضع العظماء: هناك أخبار صحيحة تتحدث عن أن اللقاء يجبن أن تتوقعوه
وتتلمسوه في العشر الأواخر؛ كما جاء في هذه الأخبار:
1-عن
نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرى
رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر.
[البخاري: كتاب صلاة التراويح ـ باب: التماس ليلة القدر في السبع الأواخر ـ 1911 ـ
6590]
2-عن أبي سلمة قال:
سألت أبا سعيد، وكان لي صديقا، فقال: اعتكفنا مع النبي صلى الله عليه وسلم العشر
الأوسط من رمضان، فخرج صبيحة عشرين فخطبنا، وقال: إني أريت ليلة القدر، ثم
أنسيتها، أو: نسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر، وإني رأيت أني أسجد في
ماء وطين، فمن كان اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فليرجع.
فرجعنا وما نرى في
السماء قزعة، فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد، وكان من جريد النخل، وأقيمت
الصلاة، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين، حتى رأيت أثر
الطين في جبهته. [البخاري: كتاب صلاة التراويح ـ باب: التماس ليلة القدر في السبع
الأواخر ـ 1912 ـ 638]
تصغير
دائرة التوقعات:
طمعت أكثر وتسائلت:
هل من الممكن أن تتكرمي وتحددي أكثر وتقللي الاحتمالات؟.
قالت باتسامة تكشف
ذكاء من يحدثها: هناك أخبار تريحكم أكثر؛ وهي:
1-عن عائشة رضي الله
عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تحروا ليلة القدر في الوتر، من
العشر الأواخر من رمضان. [البخاري: كتاب صلاة التراويح ـ باب: تحري ليلة القدر
في الوتر من العشر الأواخر ـ 1913 ـ 1915، 1916]
2-عن أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في رمضان العشر التي في وسط
الشهر، فإذا كان حين يمسي من عشرين ليلة تمضي ويستقبل إحدى وعشرين، رجع إلى مسكنه،
ورجع من كان يجاور معه، وأنه أقام في شهر جاور فيه الليلة التي كان يرجع فيها،
فخطب الناس، فأمرهم ما شاء الله.
ثم قال: كنت أجاور
هذه العشر، ثم قد بدا لي أن أجاور هذه العشر الأواخر، فمن كان اعتكف معي فليثبت في
معتكفه، وقد أريت هذه الليلة، ثم أنسيتها، فابتغوها في العشر الأواخر، وابتغوها في
كل وتر، وقد رأيتني أسجد في ماء وطين.
فاستهلت السماء في
تلك الليلة فأمطرت، فوكف المسجد في مصلى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة إحدى وعشرين،
فبصرت عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونظرت إليه انصرف من الصبح ووجهه ممتلئ
طينا وماء. [البخاري: باب: تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر ـ 1914 ـ 638]
3ـ عن ابن عباس رضي
الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التمسوها في العشر الأواخر من رمضان،
ليلة القدر، في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى. [البخاري: كتاب
صلاة التراويح ـ باب: تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر ـ1917/1918]
4ـ قال ابن عباس رضي
الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي في العشر، هي في تسع يمضين،
أو في سبع يبقين.
يعني ليلة القدر. قال
عبد الوهاب: عن أيوب، وعن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس: التمسوا في أربع وعشرين. [البخاري:
باب: تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر ـ 1918]
وعلى موقع (الفقه
الإسلامي)؛ قال فضيلة الشيخ مفتي مصر؛ أن ليلة القدر يمكن أن تكون وترية ويمكن أن
تكون زوجية، مؤكدا أن المسلمين لم يتمكنوا من التعرف عليها، موضحا أن جابر بن عبد
الله كان يجزم أنها في السابع والعشرين وبعض العلماء أيد هذا الرأي.
علامات:
طمعت أكثر في كرم
محدثتي الكريمة؛ فسألت فهل هناك من علامات نتعرف بها عليكِ؟.
قالت: لقد لخص فضيلة
الشيخ مفتى مصر هذه العلامات فقال: إنها ليلة معتدلة لا تكون شديدة الحر في الحر
ولا تكون شديدة البرد في البرودة، مبيناً أنها ليلة هادئة ويكون فيها نوع من أنواع
السلام والسكينة، مشيراً أن علاماتها أن صباحها ليس شديد الحرارة، حيث تكون الشمس
خافتة كأن هناك غماماً وذلك لصعود الملائكة إلى السماء، موضحاً أن هذا الصعود يقلل
ضوء الشمس إلى الظهيرة.
كيف نكسب
اللقاء:
أسعدني هذا التلخيص،
واستفسرت: ترى ما هي أحب الأعمال والدعوات التي نستطيع القيام بها أثناء اللقاء
المرتقب والمبارك؟.
قالت: لقد ورد عن
الحبيب صلى الله عليه وسلم شعار المسلم في هذه الليالي؛ فعن عائشة رضي الله عنها
قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ
أهله. [البخاري: كتاب صلاة التراويح ـ باب: العمل في العشر الأواخر من رمضان ـ 1920]
ولقد
ذكرت لكم أن صديقنا رمضان أوضح ولخص هذه الأعمال في حواره معكم؛ وبالتحديد في
إجابته على السؤال الرابع؛ وهو ما الذي
يرضي ضيفي حتى أفعله؟!.
والسؤال السادس: اختبر نفسك هل فزت برمضان؟.
أما ما يجب أن
تتخوفون منه ويغضبني فهو أيضاً تجدونه في إجابته عن السؤال الخامس: ما هي السلوكيات التي يغضب منها رمضان؟.
أما أفضل الدعوات؛ فعن
عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيتَ إن وفقت ليلة
القدر، ما أقول فيها؟.
قال: قولي: اللهم
إنك عفو تحب العفو فاعف عني". [مسند الأمام أحمد ـ مسند السيدة عائشة رضي
الله عنها[
وكان من دعائه صلى
الله عليه وسلم: "أعوذ برضاك من سخطك، وعفوك من عقوبتك".
عن عائشة رضي الله
عنها قالت:
"قلت يا رسول
الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟.
قال: قولي: اللهم
إنك عفو تحب العفو فاعف عني". [الترمذي ـ أبواب الدعوات عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم ـ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ ـ3580]
الرسالة
الأخيرة:
أسعدني هذا الحوار
الرائع والرقيق؛ وقلت: أيتها المعشوقة الغالية؛ قبل اللقاء الموعود بعونه تعالى؛
ماهي رسالتك الأخيرة لأحبابك من الصائمين المتشوقين للقائك؟.
ردت بحزم وثقة
وبأسلوب فيه نبرة تحدي وتحفيز وتشويق لنا جميعاًً:
ليلة القدر ... لا يبلغها إلا من له قدر.
والحمد لله الذي بنعمته تتم
الصالحات