(كيف يُشفقُ ويَغارُ ربنا علينا؟!)
"يُؤدِّب الألَمُ صاحِبَه!.
يَصقُلُه صَقلًا!.
يُعلِّمه الصَّمت!.
يُريه من بعيد ...
يُعلمه الدُّعاء!.
يُوحِشه من النّاس!.
يُؤنسه بربِّه!.
إن للألمِ باطنٌ فيه الرحمة!".
خاطرة مؤثرة من مولانا جلال الدين الرومي رحمه الله.
تبين دور الألم في تهذيب النفس الإنسانية!.
ودور الشدة في تنقية العبد من شوائب اللجوء لغير مولاه!.
ودور المحنة في تقريب المؤمن إلى رحاب ربه سبحانه!.
(كيف يقربنا إليه؟!)
ولعلها رحمة أرادها ربنا لمن ابتعد عنه!.
فيشفق علينا بحنان المحب!.
فيغار علينا أن نسير في طريق المعصية!.
وذلك بطريقين!.
الأول: الابتلاء بالرخاء:
بأن يعطيه ربه فرصة للقرب منه بملاطفات الإحسان!.
أي بكثرة رزقه وتتابع نعمه!.
ولكنه للأسف يغفل ولا يجيد فن الشكر!.
فيزداد بعدًا!.
كما قال ربنا:
"وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ". (سبأ١٣)
الثاني: الابتلاء بالشدة:
وذلك حين يسقط في الأول!.
فيقوده إليه بسلاسل من الامتحان!.
أي بالمحن والشدائد والعياذ بالله لعله يرعوي ويرجع إليه!
نسأل الله العافية.
وذلك كما جاء في أروع جكم ابن عطاء الله رحمه الله:
"مَن لم يُقبل على اللّه بمُلاطفات الإحسان ...
قِيّد إليه بسلاسل الامتحان!".
وفي حكمة أخرى أروع:
"من لم يشكر النّعم!.
فقد تعرّض لزوالها!.
ومن شكرها ...
فقد قيّدها بعقالها!".
وكما جاء في كتابه الكريم:
"وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ". (الأنبياء٣٥)
"وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً. (الرعد١٥)
(كيف تتمتع بالنعم وتحفظها؟!)
فمن الذكاء أن تتمتع بما وهبك من نعم!.
وفي نفس الوقت أن تجيد فن حفظها وتنميتها بذكرها!.
كما نصحنا الحسن رحمه الله:
"إنَّ اللهَ لَيُمَتِّعُ بالنعْمَةِ مَا شَاءَ.
فَإِذَا لَمْ يُشْكَرْ قَلَبَهَا عَلَيْهِمْ عَذَابًا!".
(الشكر نعمة تستحق الشكر!)
لذا كان شكر النعمة هو نعمة نسأل ربنا دوما أن يعلمناها ويدفعنا ويلهمنا ويدلنا عليها!.
وعلى أن نداوم على شكره!.
كما جاء في الدعاء الجميل المأثور عن أولئك الفائزين الذين نجحوا في ابتلاء الدنيا:
"رَبِّ ...
أَوْزِعْنِي ...
أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ...
الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ...
وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ ...
وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ ...
وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ...
إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ ...
وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ". (الأحقاف١٥)
اللهم ...
أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
(د. حمدي شعيب - الثلاثاء ١٨ أكتوبر ٢٠٢٢م)