الجمعة، 1 أبريل 2022

أتقن فن حفظ النعم وحصنها من رباعية التحولات المرعبة!

(الرباعية المؤلمة!!!)
"كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِن:
جَهْدِ البَلَاءِ،
ودَرَكِ الشَّقَاءِ،
وسُوءِ القَضَاءِ،
وشَمَاتَةِ الأعْدَاءِ". (البخاري)
وهي رباعية مؤلمة تقصم ظهر الرجال والعياذ بالله.
ولا يستشعر قسوتها إلا من عاشها!.
أما ...
(١) جَهْدُ البَلاء:
فهو أَقْصَى ما يَبلُغُه الابتلاءُ.
وهو الامتِحانُ.
وذلك بأنْ يُصابَ حتَّى يَتمنَّى الموتَ!.
وقِيلَ إنَّه الفَقْرُ مع كَثْرةِ العِيَالِ.
(٢) دَرَكِ الشَّقاءِ:
والدَّرَكُ هو الوُصولُ واللُّحوقُ.
فكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَستعيذُ مِن أنْ يَلْحَقَه أو يَصِلَه الشَّقاءُ.
أو أنْ يُدرِكَ هو الشَّقاءَ والتَّعَبَ والنَّصَبَ في الدُّنيا والآخِرَةِ.
(٣) سُوءِ القَضاءِ:
وهو ما يَسُوءُ الإنسانَ ويُحزِنه مِن الأَقْضِيَةِ المقدَّرةِ عليه في الدِّينِ والدُّنيا، والبَدَنِ والمالِ والأهلِ.
وقدْ يكونُ ذلك في الخاتِمةِ.
والموصوفُ بالسُّوءِ هو المَقْضِيُّ به لا القضاءُ نفْسُه.
وسببُ الاستِعاذةِ مِن سُوءِ القَضاءِ أنَّه لَمَّا كان قَضاءُ اللهِ عزَّ وجلَّ وقدَرُه مَخفيًّا عَنِ الإنسانِ، لا يَعلَمُه إلَّا وقْتَ وُقوعِه.
لزِمَ الدُّعاءُ والالتِجاءُ إلى اللهِ فيما يَخافُه الإنسانُ ويَحذَرُ أنْ يَنزِلَ به.
فإذا وُفِّقَ للدُّعاءِ واستجابَ اللهُ له دفَعَهُ اللهُ عنه.
فيرد سبحانه عنه القضاء.
ويجعل دعواته تعتلج وتصارع وتمنع البلاء إلى يوم القيامة!.
(٤) شَماتةِ الأعداء:
والشَّماتَةُ هي الفَرَحُ.
أي مِن فَرَحِ العَدُوِّ!.
وهو لا يَفْرَحُ إلَّا لِمُصِيبَةٍ تَنزِلُ بِمَن يَكرَهُ!.
(وأشدها الشماتة!!!)
فكم هو قاسٍ أن يشمت بك أحدهم خاصة عدوك!.
فيفرح لمصابك!.
ويسره ألمك!.
ويستمتع بحزنك!.
ويُطربُ لدموعك!.
لذا كان رجاء هارون من أخيه موسى عليه السلام أن سأله:
"قَالَ ابْنَ أُمَّ
إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي
وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي
فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ". (الأعراف١٥٠)
وتدبر هذا الرجاء!.
كما جاء في (معاني القرآن) للفراء رحمه الله:
"إن هارون إنما قال لموسى عليه السلام:
" يا ابن أم ".
ولم يقل:
" يا ابن أبي".
وهما لأب واحد وأم واحدة, استعطافا له على نفسه برحم الأم!". (الطبري)
وقال السعدي رحمه الله:
"فلا تظن بي تقصيرا.
فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاءَ بنهرك لي.
ومسك إياي بسوء.
فإن الأعداء حريصون على أن يجدوا عليَّ عثرة.
أو يطلعوا لي على زلة".
تأمل كيف أن نبيا يطلب من أخيه النبي عليهما السلام رجاءا خاصا وطلبا عزيزا ألا يؤلمه ويؤذيه نفسيا وهو ألا يشمت به الأعداء!.
(احذروا ... فالأيام دول!!!)
وما أروع (ابن قرظة) رحمه الله وهو يردد كلماته النازفة التي تحذر شامتيه!.
"إذا ما الدهرُ جَرَّ على ...
أُناسٍ حَوادِثَهُ أَناخَ بآخرينا!.
فقل للشامتينَ بنا أفيقوا ...
سيَلقى الشامتونَ كما لقينا!".
(الجزاء من جنس العمل!)
ولقد حذرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم من عاقبة الشماتة.
فكما تَدينُ تُدان!.
"لا تظهرِ الشماتةَ لأخيكَ ...
فيرحمُه اللهُ ويبتليكَ". (الترمذي وضعفه الألباني)
اللهم إنا نعوذ بك ...
من جهد البلاء ...
ودرك الشقاء ...
وسوء القضاء ...
وشماتة الأعداء.
الله أكبر ...
عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
(د. حمدي شعيب - الثلاثاء ١١ أكتوبر ٢٠٢٢م)



ثم ...
د. حمدي شعيب
(أول إبريل 2022م)