الثلاثاء، 6 أبريل 2021

(4) شعبان يفضفض لي

شعبان الحبيب يواصل حواراته معي ويوصيني وصيته الأخيرة عن:
المهارات العملية لاستقبال رمضان الحبيب؟
من فضلك افتح موقع (إسلاميات).

(4) شعبان يفضفض لي
قال ضيفي الحبيب شعبان: يا صديقي الحبيب؛ أعود وأذكركم بأن زيارتي السنوية فرصتكم الذهبية التي تضيعونها كل مرة.
فزيارتي قبل رمضان فرصة ذهبية للتربية الروحية، وللتهيئة الإيمانية؛ وهي سوق سنوي لاقتناص الخيرات: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الصَّوْمِ أَفْضَلُ بَعْدَ رَمَضَانَ؟. فَقَالَ: شَعْبَانُ لِتَعْظِيمِ رَمَضَانَ. قِيلَ: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟. قَالَ: صَدَقَةٌ فِي رَمَضَانَ". [رواه الترمذي]
المحور الثاني: ما هي المهارات العملية لاستقبال ومعايشة رمضان؟:
قلت: شكر الله لكم ضيفنا العزيز، آن الآوان لنستزيد من أخباركم الطيبة ونصائحكم الرائعة.
قال شعبان: تحدثنا عن المحور الأول؛ والذي يدور حول التهيئة النفسية لاستقبال رمضان.
أما المحور الثاني؛ فيدور حول الطرق والوسائل والآليات العملية؛ أو الخطوات التربوية البنائية العملية؛ في كيفية استقبال، واستغلال مقدم شهر الصوم الكريم.
لقد أحزنني يوماً عند مجيئي إليكم؛ أنكم لم تحسنوا استقبالي.
فأرجوا ألا تكرروا هذا الخطأ مع قدوم حبيبي وأخي رمضان.
لذا فأنا اقترح عليكم أن تبدأوا بهذه الخطوات العملية العاجلة:
أولاً: حفل استقبال الضيف الكريم:
وليكن شعار الحفل: (جَاءَكُمْ رَمَضَانُ)
"عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ رَمَضَانُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا قَدْ حُرِمَ". [رواه أحمد]
فماذا عن هذه الاحتفالية؟
1-هي عبارة عن اجتماع يعقد قبل رمضان بأيام؛ تلتقي فيه الأسرة؛ لوضع (برنامج رمضان).
2-كل فرد يعطي رأيه في كيفية الترحيب بهذا الضيف العزيز.
3-الصغير يقول رأيه مثله مثل الكبير، ويحترم رأيه.
4-تسجل كل الاقتراحات.
5-كل صاحب اقتراح يعتبر مسؤولاً عن كيفية تنفيذ اقتراحه ومتابعته، ثم تقييمه في حفل الوداع.
ثانياً: استعداد القدوة.
وهو أن يرى الأبناء والديهم يستعدان استعداداً روحياً خاصاً؛ ويحتفيان بقدوم الضيف المبارك؛ مثل:
1-تحديد هدف معين وغاية يُرَكَّز عليها لرمضان هذا العام.
2-وضع جدول زمني تنازلي يوماًً بيوم في شعبان، للاستعداد حتى وصول رمضان الكريم.
3-التقليل على قدر الإمكان من الحديث عن مستلزمات رمضان المادية من أكل وشراب.
4-البعد عن الإغراق في المباحات.
5-تجنب الارتباط بمشاهدة التمثيليات، والوجود في مواطن اللهو والشبهات.
ثالثاً: الهدف العام لرمضان هذا العام:
ونقصد به الهدف العام والغاية الكبرى؛ التي ترجوها الأسرة من شهر رمضان هذا العام.
فيمثل المحور؛ الذي يمكن للأسرة كلها أن تدور به ومعه وحوله.
أو العمود الفقري؛ لكل أبواب الخير الرمضانية العامة والخاصة، لطاعات أفراد الأسرة في رمضان.
فتتفق الأسرة في اجتماع (جاءكم رمضان)؛ على اختيار هذا الشعار، الذي يلخص الترجمة العملية لآية أو حديث أو قيمة رفيعة، تتبناها الأسرة.
ويوضع أمام كل فرد من أفراد الأسرة، وكأنه منارة أو شعار على قمة جبل؛ فيرنو إليه الجميع في كل حركة وكل سكنة، وكل فعل وكل قول؛ وينام فيحلم به، ويستيقظ عليه؛ فيوجه نيته، ويجددها في كل وقت.
ويتخذه الجميع دعاءً ثابتاً وموحداً؛ تلهج به الألسن، وتحياه القلوب، وتتأمله العقول، وتعايشه النفوس.
ويكتب في كل مكان؛ على حوائط كل غرفة، وعلى المكاتب، وفي المطبخ، وعلى الباب، وفي المصعد، وعلى مدخل المنزل، وفي السيارة، حتى في أماكن العمل.
ومن الشعارات المقترحة:
1-قبل رمضان: (اللهم بلغنا رمضان) أو (اللهم اجعلنا من الذين يصومونه ويقومونه إيماناً واحتساباً):
"مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. [رواه البخاري]
و"مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". [البخاري]
2-(اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من غضبك والنار):
"إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ". [البخاري]
3-(اللهم الفردوس الأعلى): "مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُبَشِّرُ النَّاسَ؟. قَالَ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ". [البخاري]
4-(اللهم بلغنا ليلة القدر، واجعلنا من الذين يقومونها إيماناً واحتساباً): "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". [البخاري]
5-الثلث الأول من رمضان: (اللهم إنا نسألك الرحمة): "إِذَا كَانَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ". [مسلم]
6-الثلث الأوسط من رمضان: (اللهم إنا نسألك المغفرة): كما سبق في أدلة الشعار الأول؛ من صام أو قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ وأيضاً كما في دليل الشعار الرابع؛ من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.
7-الثلث الأخير من رمضان: (اللهم إنا نسألك العتق من النار): "إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ" [الترمذي وابن ماجه]
صمت صديقي الحبيب شعبان قليلاً، ثم أطرق وقال والدموع تملأ عينيه: أما عن إجابتي لأسئلتكم الطيبة: كيف تعايشون معاني الصوم ذهنياً؟.
وكيف تطبقها أسركم عملياً؟.
وكيف يجتهد كل فرد منكم في الأسرة في فتح أبواباً للخير، وبالتالي غلق أبواباً للشر؟.
وكيف ترقون بأنفسكم وأولادكم وأزواجكم روحياً؟.
فهذه أسئلة أترك حبيبي رمضان ليجيبكم عنها؛ أما أنا فأترككم لتستعدوا لاستقباله.
وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، على أملٍ في لقاء أكثر طاعة وأعظم أجراً إن شاء الله تعالى.

أمسكت بيدي ضيفي الحبيب شعبان، وكأنني أفقت من حلم جميل، وأنا أصافحه وأشد على يديه هاتفاً من كل قلبي: جزاكم الله عنا خيراً يا أطيب وأجمل وأعظم ضيف، ونرجو من الله أن يبلغنا شعبان ورمضان أزمنة مديدة وأعواماً عديدة.
ثم ...